تدريس القراءة أغرضه وتقسيمه إلى الجهرية والصامتة وإلى القراءة المكثفة والتكميلية
فاعلية المسرح التعليمي في تنمية مهارات القراءة الجهرية
سلوى محمد أحمد عزازي
[رسالة ماجستير
نوقشت في 8/6/2000
بكلية التربية جامعة الزقازيق
: الإحساس بالمشكلة :
على الرغم من أهمية القراءة واهتمام الأبحاث العلمية بها؛ فمازال هناك قصور في أداء التلاميذ القرائي إضافة إلى عدم تمكنهم من بعض مهارات القراءة الجهرية مثل : مراعاة علامات الترقيم، ومراعاة مخارج الحروف، والنطق الصحيح الخالي من أخطاء الضبط النحوي، وتمثيل المعنى حركياً، وغير ذلك من المهارات الأخرى التي تؤثر بشكل كبير في تحقيق الأهداف المرجوة من القراءة الجهرية، وقد لمست الباحثة ذلك من خلال مقابلة بعض معلمي المرحلة، والرجوع للدراسات السابقة، وعملها بالمرحلة نفسها سابقا، وتسجيلها لعينة من قراءات تلاميذ الصف الأول الإعدادي، حيث تبين من فحص التسجيل الصوتي ؛ وجود أخطاء لدى التلاميذ في : الوقف، والنطق، والضبط النحوي، وتبين أن هناك لجلجة وتأتأة، وإبدال، إضافة إلى أن بعض التلاميذ يجدون صعوبة في التعرف على الكلمات، فتأكد ضعف تلاميذ هذه المرحلة في مهارات القراءة الجهرية ، وقد يؤثر ذلك بالسلب على قراءتهم، مما يؤدي إلى ملل المستمع وسخريته، وانصرافه عن الاستماع، وفقدان المادة المقروءة وحدتها وترابطها، وضياع الوقت في جهد ضائع يضر أكثر مما يفيد، وتزداد المشكلة خطورة حينما يخطئ القارئ في قراءة القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة 0
وانطلاقاً مما أكدته الدراسات السابقة التي أجريت في مجال المسرح التعليمي، ومن إحساس الباحثة كمعلمة بأهمية المسرح التعليمي، وفاعليته في تنمية مهارات القراءة الجهرية، وملاحظتها التحسن الواضح في مهارات القراءة الجهرية لدى التلاميذ المشاركين في المسرح، نبعت فكرة هذه
الدراسةتحديد :
تحديد المشكلة :
تتحدد مشكلة هذه الدراسة في : ضعف تلاميذ الحلقة الثانية من التعليم الأساسي في مهارات القراءة الجهرية، وافتقار تدريس اللغة العربية لمداخل جديدة يمكن أن تساعد في تنمية مهارات القراءة الجهرية، بإضفائها جواً من البهجة على العملية التعليمية 0
ويمكن للتصدي لهذه المشكلة من خلال محاولة الإجابة عن السؤال الرئيس التالي : س ـ كيف يمكن توظيف المسرح التعليمي في تنمية بعض مهارات القراءة الجهرية ؟
ويتفرع عن هذا السؤال الأسئلة التالية :
1 ـ ما مستوى تمكن تلاميذ الحلقة الثانية من مرحلة التعليم الأساسي من مهارات القراءة الجهرية ؟
2ـ ما التصور المقترح لتوظيف المسرح التعليمي في تنمية بعض مهارات القراءة الجهرية لدى تلاميذ الحلقة الثانية من مرحلة التعليم الأساسي ؟
3ـ ما فاعلية التصور المقترح في تنمية بعض مهارات القراءة الجهرية لدى تلاميذ الحلقة الثانية من مرحلة التعليم الأساسي ؟
:أهداف الدراسة وأهميتها :
تهدف الدراسة الحالية إلى : بيان أثر مدخل المسرح التعليمي في تنمية مهارات القراءة الجهرية لدى تلاميذ الحلقة الثانية من مرحلة التعليم الأساسي 0
وتتلخص أهميتها في : الموضوع الذي تعالجه وهو توظيف المسرح التعليمي في تنمية مهارات القراءة الجهرية إضافة إلى أنها :
1 ـ قد تفيد الموجهين في : توجيه نظرهم لدور المسرح التعليمي في تنمية مهارات القراءة الجهرية0
2ـ قد تفيد المعلمين في : توجيه نظرهم لكيفية استغلال المسرح التعليمي في تنمية مهارات القراءة الجهرية 0
3ـ قد تفيد التلاميذ في : التغلب على المشكلات التي تواجههم أثناء القراءة الجهرية، وتعمل على تنمية مهاراتهم فيها 0
: حدود الدراسة :
ُيقتصر في هذه الدراسة على :
1ـ تلاميذ الصف الأول الإعدادي ، ويرجع السبب في اختيار تلاميذ هذا الصف إلى :
ـ أن هذا الصف بداية مرحلة تعليمية جديدة بالنسبة للتلميذ ونتاج مرحلة سابقة 0
ـ أن معظم مدرسي هذه المرحلة يشكون من ضعف التلاميذ في القراءة
ـ أن علاج أخطاء التلاميذ في هذا الصف يؤثر بالإيجاب على مستواهم في الصفوف التالية
2ـ كتب القراءة ذات الموضوعات المتعددة المقررة من قبل الوزارة دون الالتفات إلى الكتب الخارجية، وذلك لربط التلاميذ بالمقررات الدراسية
3ـ بعض مهارات القراءة التي تسفر الدراسة الميدانية عن ضعف التلاميذ فيها 0
4 ـ مدارس مدينة " أبو كبير" لأنها تضم تلاميذ من الريف والحضر لتكون ممثلة للمجتمع الأصل 0
: إجراءات الدراسة:
للإجابة عن الأسئلة التي تحددت بها مشكلة الدراسة، تقوم الباحثة بالخطوات التالية :
أ ـ بالنسبة للسؤال الأول وصيغته : ما مستوى تمكن تلاميذ الحلقة الثانية من مرحلة التعليم الأساسي من مهارات القراءة الجهرية ؟ تقوم الباحثة بما يلي :
1ـ تحديد الواقع الحالي لمستوى تمكن تلاميذ الحلقة الثانية من مرحلة التعليم الأساسي لمهارات القراءة الجهرية من خلال :
ـ دراسة البحوث والكتابات التي اهتمت بالكتابة عن مهارات القراءة الجهرية 0
ـ وضع تصور مبدئي لاختبار القراءة الجهرية وبطاقة ملاحظة لقراءات التلاميذ الجهرية مشتملا على مهارات القراءة الجهرية0
ـ موازنة المهارات التي وردت في الدراسات السابقة بالمهارات التي توصلت إليها الباحثة من خلال تحليلها لقراءات التلاميذ، والتنسيق بينها بالإضافة أو الحذف 0
ـ عرض الاختبار والبطاقة على مجموعة من المحكمين المتخصصين من الأســاتذة والموجهين
والمعلمين لإبداء وجهة نظرهم في فقرات الاختبار والمهارات التي اشتملت عليها البطاقة، وإعطاء درجة لكل فقرة، أو مهارة وفقا لأهميتها من وجهة نظرهم، وحساب الصدق والثبات
ـ إجراء تجربة استطلاعية للاختبار على النحو التالي :
اختيار عينة من تلاميذ الحلقة الثانية من التعليم الأساسي، و تسجيل عينة من قراءاتهم، وتحليلها، بهدف تحديد المهارات التي يلزم توافرها لدى تلاميذ الحلقة الثانية من مرحلة التعليم الأساسي 0
تطبيق الاختبار وبطاقة الملاحظة لتحديد مستوى تمكن التلاميذ من مهارات القراءة الجهرية 0
وضع الاختبار والبطاقة في شكلهما النهائي 0
ب ـ بالنسبة للسؤال الثاني وصيغته ما التصور المقترح لتوظيف المسرح التعليمي في تنمية بعض مهارات القراءة الجهرية لدى تلاميذ الحلقة الثانية من مرحلة التعليم الأساسي ؟ تقوم الباحثة بالتالي :
2 ـ بناء التصور المقترح لتوظيف المسرح التعليمي في تنمية مهارات القراءة الجهرية لدى تلاميذ الحلقة الثانية من مرحلة التعليم الأساسي عن طريق :
ـ اختيار الموضوعات المقررة على تلاميذ الصف الأول الإعدادي ( أنا أحب وطني، وطني مهد الرسالات، باحثة البادية، جمال الدين الأفغاني، الإنسان والحياة، العرب 00 والعمل 00 والزمن، الصحة والإنتاج، تلوث البيئة، هكذا خلقها الله، اختيار الصديق، واجبات المواطن وحقوقه ) 0
ـ إعادة صياغة الموضوعات بشكل مسرحي لتكون صالحة للتدريس باستخدام المسرح التعليمي 0
ـ إعداد دليل المعلم لتدريس الموضوعات من خلال المسرح التعليمي 0
ـ التأكد من صدق مسرحة الموضوعات من خلال عرضها في صورتها الأصلية، وصورتها الممسرحة على المحكمين المتخصصين في هذا المجال0
ـ عرض الدليل على مجموعة من المحكمين للتأكد من صلاحيته لما وضع له 0
جـ ـ بالنسبة للسؤال الثالث وصيغته ما فاعلية التصور المقترح في تنمية بعض مهارات القراءة الجهرية لدى تلاميذ الحلقة الثانية من مرحلة التعليم الأساسي ؟ تقوم الباحثة بما يلي :
3 ـ تحديد فاعلية التصور المقترح من خلال :
ـ اختيار عينة الدراسة وتقسيمها إلى مجموعتين ( تجريبية ـ ضابطة ) 0
ـ تطبيق البطاقة قبليا على مجموعتي الدراسة 0
ـ تدريس الموضوعات المختارة للمجموعة الضابطة بالطريقة التقليدية، وللمجموعة التجريبية من خلال المسرح التعليمي، مع تحديد الوقت، والمكان ، والقائمين على التدريس، ومراعاة الاحتياطات اللازمة0
ـ تطبيق البطاقة بعديا على مجموعتي الدراسة ( التجريبية ـ الضابطة )
د ـ استخراج النتائج، ومناقشتها، وتفسيرها، والخروج بالتوصيات 0
: فروض الدراسة :
بُناء على ضوء النتائج التي أوضحتها الدراسات السابقة في مجالي المسرح التعليمي والقراءة الجهرية تفترض الباحثة الفروض التالية :
1ـ لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات المجموعتين ( التجريبية والضابطة ) في التطبيق القبلي للاختبار في مهارات القراءة الجهرية المتضمنة في بطاقة الملاحظة ( إعداد الباحثة)0
2ـ توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات المجموعة التجريبية، والمجموعة الضابطة في التطبيق البعدي للاختبار في مهارات القراءة الجهرية، وذلك لصالح المجموعة التجريبية 0
3ـ توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات المجموعة التجريبية في التطبيق القبلي والتطبيق البعدي للاختبار في مهارات القراءة الجهرية ، وذلك لصالح التطبيق البعدي
: نتائج الدراسة :
من أهم النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة ما يلي :
1ـ لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات المجموعتين ( التجريبية/ الضابطة) في كل مهارة على حدة، وفي المجموع الكلي للمهارات في التطبيق القبلي لبطاقة الملاحظة، مما يدل على تساوي مستوى العينتين وتجانسهما في مهارات القراءة الجهرية قبل إجراء التجربة 0
2ـ توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات المجموعتين ( التجريبية/ الضابطة) في التطبيق البعدي لبطاقة الملاحظة، لصالح المجموعة التجريبية في كل مهارة على حدة، وفي المجموع الكلي للمهارات، مما يدل على فاعلية المسرح التعليمي في تنمية كل مهارة على حدة، وفي المجموع الكلي للمهارات 0
3ـ توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين متوسطي درجات التطبيقين القبلي والبعدي لتلاميذ المجموعة التجريبية في كل مهارة على حدة، وفي المجموع الكلي للمهارات وعلى ضوء ما أسفرت عنه هذه الدراسة من نتائج، فقد تأكد للباحثة فاعلية المسرح التعليمي كأحد المداخل التدريسية التي تسهم بدرجة كبيرة في تنمية مهارات القراءة الجهرية 0
4ـ من خلال مناقشة التلاميذ في موضوع المسرحيات، ونتائج اختباراتهم في نصف العام وآخر العام اتضح أن : المسرح لا تقتصر أهميته فقط في كونه أداة أسهمت في تنمية مهارات القراءة الجهرية بل كان له أثر كبير على جانب التحصيل لدى تلاميذ المجموعة التجريبية مقارنة بأقرانهم في المجموعة الضابطة 0
: التوصيات :
بناء على النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة توصي الباحثة بما يلي :
1 ــ التدريب المستمر للتلاميذ على الأداء المسرحي، مع الاستعانة بالتسجيلات الصوتية والمعامل اللغوية والأجهزة العلمية الحديثة 0
2ـ تأهيل معلمي اللغة العربية بمراحل التعليم قبل الجامعي تأهيلا يمكنهم من توجيه التلاميذ0
3ـ تدريب المعلمين على كيفية استغلال المسرح في تنمية المهارات اللغوية 0
4ـ تخصيص وقت محدد في الجدول المدرسي لتدريس القراءة الجهرية من خلال المسرح التعليمي 0
5ـ إعطاء المعلم القائم على تدريس القراءة من خلال المسرح التعليمي فرصة اختيار النصوص التي تدرس من خلال المسرح مع تلاميذه، وعدم إلزامه بعدد محدد من النصوص، ليتمكن من إعطاء كل مسرحية الوقت الكافي للتدريب 0
6ـ تزويد المكتبات المدرسية بالكتب والمراجع والنشرات التي تعين المعلم على أداء مهمته0
7ـ الاهتمام بمسارح المدارس وتزويدها بالتقنيات الحديثة التي توفر عنصر الإبهار لدى التلاميذ وتحببهم في الاشتراك في الأداء المسرحي
8 ـ أن تكون مادة المسرح التعليمي ضمن المواد التي يدرسها الطلاب في كليات التربية، وبخاصة طلاب قسم اللغة العربية 0
9 ـ عمل دورات تدريبية للمعلمين في أثناء الخدمة لتدريبهم على كيفية استخدام المسرح التعليمي كمدخل تدريسي 0
10 ـ تخفيف الأعباء عن كاهل المعلم الذي يتبنى تدريس الموضوعات من خلال المسرح التعليمي، بتخفيف عدد حصص اللغة العربية المخصصة له في الجدول المدرسي إذا كان يدرس مادة اللغة العربية إلى جوار عمله بالمسرح، وعدم مطالبته بحصص احتياطية أو أي أعباء أخرى ليتفرغ للعمل المسرحي الذي يحتاج إلى المزيد من الوقت والجهد 0
11 ـ توفير الإمكانيات المادية التي تساعد على إتقان العمل المسرحي 0
12ـ تخصيص حوافز مادية للقائمين على العمل المسرحي 0
عاشرا : بعض المقترحات :
بناء على نتائج هذه الدراسة، وامتدادا لها، تقترح الباحثة إجراء البحوث التالية :
1 ـ توظيف المسرح المدرسي في تنمية مهارات القراءة الصامتة 0
2ـ تصور مقترح لتوظيف المسرح التعليمي في تنمية مهارات التعبير الشفوي 0
3ـ فاعلية الأنشطة اللغوية الأخرى ( إذاعة، خطابة، صحافة، مناظرة) في اكتشاف مواهب التلاميذ وقدراتهم الإبداعية في اللغة العربية 0
4ـ فاعلية المسرح التعليمي في تنمية مهارات القراءة الجهرية لدى طلاب المرحلة الثانوية من التعليم بنوعيه ( العام، والفني ) 0
5ـ أثر تدريس القصص من خلال مسرح العرائس على تنمية القدرة على الإبداع لدى تلاميذ الرياض
6ـ أثر استخدام مسرح العرائس على إقبال التلاميذ الصغار على قراءة القصة 0
القراءة ليست مجرد النطق بالألفاظ والتراكيب والعبارات والقدرة على القراءة. لقد تغير هذا
المفهوم وأصبحت القراءة.
(عملية عقلية، يتفاعل القارئ معها، فيقرأ بشكل سليم، ويفهم ما يقرأ، وينقده، ويستخدمه في حل ما يواجهه من مشكلات، وينتفع به في مواقف حياته).
ولكي نحقق هذا المفهوم الصحيح للقراءة كان لابد لنا من أساليب لتنمية مهارات القراءة لعلنا هنا نذكر أهمها:
1- تدريب الطلاب على القراءة المعبرة والممثلة للمعنى، حيث حركات اليد، وتعبيرات الوجه والعينين، وهنا تبرز أهمية القراءة النموذجية من قبل المعلم في جميع المراحل ليحاكيها الطلاب.
2- تدريب الطلاب على القراءة الصامتة، والاهتمام بها، فالطالب لا يجيد الأداء الحسن إلا إذا فهم النص حق الفهم، ولذا وجب أن يبدأ الطالب يتفهم المعنى الإجمالي للنص عن طريق القراءة الصامتة، والاهتمام بمناقشة المعلم لطلابه قبل القراءة الجهرية.
3- تدريب الطلاب على القراءة السليمة، من حيث مراعاة الشكل الصحيح للكلمات ولا سيما أواخرها.
4- تدريب الطلاب على الشجاعة في مواقف القراءة، ومزاولتها أمام الآخرين بصوت واضح، وتمثيل للمعنى، وأداء مؤثر دون تلجلج أو تلعثم أو تهيب وخجل ولذلك نؤكد على (أهمية خروج الطالب ليقرأ النص أمام زملائه) وأيضاً تدريب الطالب على الوقفة الصحيحة، والمسكة الصحيحة للكتاب، وعدم السماح لأن يقرأ الطالب قراءة جهرية وهو جالس!.
5- تدريب الطالب على القراءة بسرعة مناسبة، وبصوت مناسب ومن الملاحظ أن بعض المعلمين في المرحلة الابتدائية يطلبون من طلابهم رفع أصواتهم بالقراءة إلى حد الإزعاج مما يؤثر على صحتهم
ولا سيما حناجرهم!.
6- معالجة الكلمات الجديدة التي يسميها البعض (الكلمات الصعبة) وتتم المعالجة بطرائق متعددة منها:
أ ــ معاني الأفعال والصور الحسية مثل: عابس، يتفقد، تولوا، صعَّر خده، يتوارى، اقتحم. يشرحها المعلم بمشاركة الطلاب بطريقة التمثيل.
ب ــ الكلمات التي تدل على محسوسات مثل: معجم، صاع، خوذة، ناب، جنان، غمد السيف، يستعين المعلم على شرحها بوسائل الإيضاح المعروفة مثل الصور، رسمها على السبورة، الشفافيات، النماذج.
جـ ــ الكلمات التي تدل على معنويات مثل: الكرم، البهجة، الغبطة، فوج، رفعة يشرحها المعلم بمشاركة طلابه بالطرق التالية:
1- ذكر المرادف مثل: ما مرادف الكلمات التالية: البهجة الغبطة، نادراً، أضناه.
2- ذكر الضد مثل: ما مضاد الكلمات التالية: بخل، عزة، جاهل، نشوان، ربوة.
3- استخدامها في جمل مفيدة مثل: استخدم الكلمات التالية في جمل مفيدة: زاغت، صارم، ملهوف، الفاقة.
4- التراكيب الخيالية والتعابير المجازية مثل: قرير العين، انفطر حسرة، عن ظهر قلب، يقلب كفيه، تنفس الصعداء. يقوم المعلم بمشاركة طلابه بشرح معناها الأصلي، ومعناها المقصود (المجازي).
5- المشتقات والمزيدات والجموع مثل: المتشدقون، المتقون، المغتربان، موارد، متهم، معوان، استجمع. يقوم المعلم بمشاركة طلابه بالبحث عن أصل الكلمة، أو مفردها إذا كانت مثناه أو مجموعة بالإضافة لإعطاء معناها.
ز ــ المصطلحات الخاصة بالدرس يعطى معناها حسب وضعها في الدرس مع توضيح معناها اللغوي إن أمكن مثل: التصحر، البيئة، التشريع، التكامل الاقتصادي .
7- الأمثال التي ترد في النص مثل: كل فتاة بأبيها معجبة، جزاء سنمار، سبق السيف العذل. يقوم المعلم بإعطاء قصتها ومناسبتها باختصار ويمكن توجيههم للمكتبة لمعرفة التفاصيل.
8- تدريب الطلاب على الفهم وتنظيم الأفكار أثناء القراءة وتدريبهم كذلك على مهارة النقاط الفكرة الأساسية للنص.
9- تدريب الطلاب على القراءة جملة جملة، لا كلمة كلمة، وتدريبهم كذلك على ما يحسن الوقوف عليه.
10- تدريب الطلاب على اكتشاف فكرة الكاتب التي لم يصرح بها إن كان في النص ما يشير إلى هذا، وذلك من خلال قراءة ما بين السطور عن طريق أسئلة يحددها المعلم مثل: ماذا قصد الكاتب هنا؟ ما العنوان الأنسب حسب رأيك؟
11- تدريب الطلاب على التذوق الجمالي للنص، والانفعال الوجداني بالتعبيرات والمعاني الجميلة وذلك يكون بأسلوب المقارنة والموازنة.
12- تدريب الطلاب على القراءة الناقدة ومهاراتها ومساعدتهم على القدرة على التحليل وإبداء وجهة النظر فيما قرأ وأيضاً القدرة على وصف مشاعر الكاتب في حال ظهور المشاعر والعواطف على النص.
13- تدريب الطالب على القدرة على التركيز والقدرة على تلخيص ما قرأ وطرحه أمام السامعين.
14- تدريب الطلاب على ترجمة علامات الترقيم إلى ما ترمز إليه من مشاعر وأحاسيس، ليس في الصوت فقط. بل حتى في تعبيرات الوجه!!.
15- تدريب الطلاب على استخدام المعاجم والكشف فيها، وحبذا لو كان هذا التدريب في المكتبة.
16- غرس حب القراءة في نفوس الطلاب، وتنمية الميل القرائي لدى الطلاب وتشجيعهم على القراءة الحرة عن حدود المقرر الدراسي ووضع المسابقات والحوافز لتنمية هذا الميل، وتكوين جماعات للقراءة أو نادي للقراءة في كل مدرسة يحدد فيه أسبوعياً كتاب واحد يعرضه الطلاب تحت عنوان (كتاب الأسبوع) وحث الطلاب على زيارات المكتبات العامة وتدريبهم على القراءة فيها واستخدام الكتب وتعويد الطلاب على تدوين ملاحظاتهم ومناشطهم القرائية.
ومن هذا أيضاً توفير الفرص للطلاب في التشارك فيما يقرأون وأن يتناوبوا قص ما قرأه بعضهم لبعض، وتبادل الملخصات الشفوية والمكتوبة وإقامة الندوات لهذا. ومن الممكن إقامة برنامج في الطابور الصباحي بعنوان (قرأت لك) يعرض فيه الطلاب ما سبق وغيره من المناشط القرائية.
17- تشجيع الطلاب المتميزين في القراءة والمناشط اللغوية وكل من تحسن من الطلاب وكل من أظهر ميلاً إلى القراءة، بمختلف أساليب التشجيع المعنوي كالثناء عليه ببعض العبارات الجميلة التي يحبها الطالب مثل أحسنت بارك الله فيك، بطل رائع بيَّض الله وجهك، ما شاء الله تبارك الله وغيرها كما يمكن تشجيعه مادياً: عن طريق إهدائه كتاب جميل، اختياره في رحلة مدرسية، اختياره في زيارة مكتبة أو معرض كتاب وهكذا.
18- علاج الطلاب الضعاف وعمل برنامج لهم بالتعاون مع إدارة المدرسة والمرشد الطلابي ويمكن أن يكون علاجهم بالتركيز مع المعلم في أثناء القراءة النموذجية، والنظر الصحيح للكلمة، وعدم الاستعجال في القراءة تدريبهم على القراءة الصامتة ومهاراتها ـ والترديد مع المعلم لمن كان يعاني من ضعف شديد وتخصيص أوقات إضافية له ما أمكن، أيضاً ينبغي على المعلم الصبر والحلم تجاه الضعاف وأخذهم باللين والرفق، وعدم السخرية منهم أبداً بل يجب تشجيعهم ورفع معنوياتهم.
19- أخطاء الطلاب في القراءة: من الطبيعي أن تقع أخطاء في درس القراءة وهذه بعض الأساليب لعلاجها.
أ ــ تمضي القراءة الجهرية الأولى دون إصلاح الأخطاء إلاَّ ما يترتب عليه فساد المعنى.
ب ــ بعد أن ينتهي الطالب من قراءة الجملة التي وقع الخطأ في إحدى كلماتها نطلب إعادتها ليكشف الخطأ بنفسه ولا نستعجل بالرد عليه.
جـ ــ يمكن أن نستعين ببعض الطلاب لإصلاح الخطأ لزملائهم القارئين.
د ــ قد يخطئ الطالب خطأ نحوياً أو صرفياً في نطق الكلمة فحبذا لو أشار المعلم إلى القاعدة إشارة عابرة عن طريق المناقشة.
هـ ــ قد يخطئ الطالب في لفظ كلمة بسبب جهله في معناها، وعلاج ذلك أن يناقشه المعلم في معناها حتى يعرف خطأه مع إشراك جميع الطلاب فيما أخطأ فيه زميلهم.
olor]
[align=center][فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] [/align
________________________________________
عطية العمري
07-27-2005, 02:25 PM
تنمية مهارات القراءة عند الأطفال
نحن نعلم أطفالنا القراءة بهدف تنمية مهارات معينة لديهم فبالقراءة تتسع خبرات الأطفال وتنمو, ويتكون لديهم حب الاستطلاع للمعرفة بألوانها المختلفة, ويستطيعون معرفة الكون وما يحدث فيه من ظواهر وغرائب, وبالقراءة يتخطون حاجز الزمان فيقرؤون عن خبرات الماضي وتنبؤات المستقبل.
والقراءة تزود الأطفال بالمقدرة على التوافق الشخصي والاجتماعي حيث تزودهم باتجاهات إيجابية وخبرات تفيدهم في التغلب على مشكلاتهم الشخصية, وتنمي لديهم الشعور بالذات وفهمها الفهم الأمثل.
والقراءة ضرورة أساسية لإعداد الطفل الإعداد العلمي السليم فمن خلالها يكتسب ويتعرف صنوف المعرفة التي يرغب في تعليمها له, أو التي ينبغي عليه أن يتعلمها.
ومن خلال القراءة تتوافر للطفل أسباب التسرية والترفيه والاستمتاع من خلال قصص أو كتب جيدة الفكرة, سهلة الأسلوب, جميلة السرد, تصور شخصياتها بدقة وأمانة شديدة(1)
معنى القراءة:
إن طرح سؤال مثل: ما القراءة? يبدو غريباً, لأن كثيراً من الناس لديهم أفكار غير صحيحة عن القراءة, لكن لا بد من إجابة واضحة عن هذا السؤال.
والقراءة في رأي كثير من المفكرين - عملية عقلية تشمل تفسير الرموز التي يتلقاها القارىء- عن طريق عينيه, وتتطلب الربط بين الخبرة الشخصية ومعاني هذه الرموز, ومن هنا كانت العمليات النفسية المرتبطة بالقراءة معقدة لدرجة كبيرة.
وعلى هذا فللقراءة عمليتان منفصلتان:
العملية الأولى: الشكل الاستاتيكي, أي الاستجابات "الفسيولوجية" لما هو مكتوب.
العملية الثانية: عملية عقلية يتم خلالها تفسير المعنى, وتشمل هذه العملية التفكير والاستنتاج.
والقراءة بهذا عملية تفكير معقدة, تشمل أكثر من التعرف على الكلمات المطبوعة, ولا يقر بعض المدرسين هذه الحقيقة, ويعتقدون أن الطفل الذي يقدر على النطق الصحيح للكلمات المكتوبة قارىء جيد, لكن الحقيقة أن الطفل الذي يتعرف على الكلمات والعبارات فقط يفشل غالباً في فهم ما يقرأ.
وهناك علاقة وثيقة بين القراءة الجيدة والفهم, تظهر في الدراسات التجريبية, فلقد وجد أن القراء الضعفاء يخطئون بمقدار 8.5 خطأ شفهياً في كل 100 كلمة, ويخطيء القراء المجيدون بمقدار 1.1 (2) فقط في كل 100 كلمة, والحقيقة أن 51% من أخطاء الضعفاء في القراءة ترجع إلى تغير المعنى, على حين لا ترجع أخطاء القراء المجيدين إلى ذلك, ومعنى هذا أن المشكلة الأساسية للقارىء الضعيف هي فقد المعنى.
ومهارة الفهم معقدة تتضمن عدة مهارات أخرى هي:
1) القدرة على إعطاء الرمز معناه.
2) القدرة على فهم الوحدات الأكبر, كالعبارة, والجملة, والقطعة كلها.
3) القدرة على القراءة في وحدات فكرية.
4) القدرة على فهم الكلمات من السياق, واختيار المعنى الملائم لها.
5) القدرة على التخمين في معاني الكلمات.
6) القدرة على اختيار الأفكار الرئيسية وفهمها.
7) القدرة على الاستنتاج.
8) القدرة على الاحتفاظ بالأفكار.
9) القدرة عى تقويم المقروء, ومعرفة الأساليب الأدبية, وغرض الكاتب.
10) القدرة على فهم الاتجاهات (3)
متى نبدأ تعليم الطفل القراءة?
وإذا كانت القراءة للطفل مهمة لهذه الدرجة, وما ينبغي اتباعه عند تعليم الطفل القراءة, ألا يجدر بنا أن نتساءل: متى يكون الطفل مستعداً للقراءة ولتعلم أسسها ومبادئها? من المعروف من دراسات علم نفس الطفولة أن الاستعداد للقراءة لدى الطفل
يستلزم ثلاثة أنواع من النمو:
1) النمو العقلي.
2) النمو الجسمي.
3) النمو الذاتي الاجتماعي.
أما النمو العقلي فيعتمد على عاملين أساسيين هما:
1) النضج الذاتي.
2) التدريب والخبرة.
ونعني بالنضج الذاتي تلك العوامل الأساسية التي تدخل ضمن مظاهر النمو العقلي, ولها تأثيرها على الاستعداد للقراءة وهي الوصول إلى عمر عقلي معين يسمح بالقراءة وغالباً لا يكون قبل سن السادسة إلا في حالات بعينها, وكذلك القدرة على تذكر أشكال الكلمات ومدى تذكر المقروء والقدرة على التفكير المجرد ثم القدرة على الربط بين المعاني وكلها عمليات عقلية معرفية تتضمن نضجاً ذهنياً معيناً.
أما التدريب والخبرة فهما حصيلة عملية التنشئة الاجتماعية والتربية الهادفة داخل الأسرة أولاً, حيث تربي للطفل في ضوء الخبرات المختلفة التي يمكنه الحصول عليها, وثانياً المدرسة. حيث التربية المقصودة والموجهة, ويبدو أثر المدرسة واضحاً على الاستعداد القرائي للطفل في زيادة الحصيلة اللغوية, وصحة النطق, والقدرة على تركيب الجمل, واستنباط المعاني المختلفة بالاضافة إلى اتساع مدارك الطفل والقدرة على التفكير في حل المشكلات, ثم القدرة على الاحتفاظ بسلسلة من الحوادث في العقل.
أما النمو الجسمي فيقصد به الصحة العامة للجسم وسلامة الحواس الضرورية لتعلم القراءة كالسمع والبصر وسلامة أعضاء النطق ونمو العضلات المتحكمة في أطراف الأنامل في اليد اليمنى أو اليد اليسرى في حالة الطفل الأعسر "الذي يكتب بيده اليسرى".
ويقصد بالنمو الذاتي الاجتماعي نمو المهارات الشخصية والاجتماعية لدى الطفل, وذلك من خلال مدى مقدرته على التوافق الاجتماعي والشخصي مع ذاته أولاً ثم المحيطين به ثانياً, مع وجود الاستعداد العاطفي الذي يلائم بين الطفل والموقف المدرسي ويساعد على الاستجابة للعمل, فالطفل لا يستطيع تعلم القراءة بصورة أفضل ما لم يكن متزناً عاطفياً ومتوافقاً توافقاً نفسياً سليماً.
وإذا كان الأمر كما وصفنا فإن بضعة أسئلة تتبادر إلى الأذهان وهي: متى نبدأ تعلم الطفل القراءة? وما العلامات التي نعرف بها أنه قد بدأ نضجه واستعداده لهذه العملية? وهل هناك ضرورة لانتظار هذه العلامات? وما الأسلوب العلمي الذي نستطيع اصطناعه في مدارسنا إزاء هذه المشكلة?
وفي إجابتنا عن هذه الأسئلة تبرز أساليب ثلاثة يمكن أن تصطنع في بدء تعلم القراءة, وهي:
1) أسلوب التعجيل .
2) أسلوب التمهيل .
3) أسلوب التأجيل.
وسنتحدث عن كل من هذه الأساليب:
1- أسلوب التعجيل:
وهو الأسلوب الذي كان وما يزال متبعاً في أكثر مدارسنا, من إكراه الأطفال جميعاً على تعلم القراءة بمجرد دخولهم المدرسة الابتدائية, سواء أكانوا مستعدين لها أو غير مستعدين. وكأنما هي قضية مسلمة أن التلاميذ جميعاً ينبغي أن يتمكنوا من تعلم القراءة في الصف الأول بالمرحلة الابتدائية متى وجد المعلم الصالح واصطنعت الطريقة المثلى في التعليم.
وهو كذلك الأسلوب الذي يتوقعه كل من "الموجه" و "ولي الأمر" جميعاً, فإذا رأى الأول عجزاً من بعض التلاميذ أو لم يشهد الآخر من ولده تقدماً في القراءة والكتابة بعد أسابيع صبت اللعنات على المدرسة وعلى المعلمين والمعلمات. وبحسبنا الآن أنا نلخص بعض الحقائق التي اهتدى إليها المربون في تجارب كثيرة أجريت, والتي يستطيع أن يلمسها كل من تمرس بنفسه للقراءة للمبتدئين.
فمن هذه الحقائق:
1)أن التكرار أو التدريب الآلي المتواصل ليس محتوماً أن يثمر النتائج(4) المرجوة إلا إذا توافرت شروط أخرى بجواره, ومن هذه الشروط:
(أ)أن نضمن انتباه المتعلم وتركيزه في أثناء التكرار.
(ب)أن يكون هناك دافع يحفزه على التكرار من أجل التعلم.
(ج)أن يكون الطفل قد بلغ مرحلة النضج والاستعداد للتعلم.
فهل يراعي المعلم الذي يأخذ تلاميذ الفصل جميعاً بهذا الأسلوب الشروط المذكورة?
2) إن تدريب التلاميذ - مهما بذل المعلم فيه من جهد - لا يجدي إلا في حالات الأطفال الذين يأتون إلى المدرسة من منازل تنقصها الخبرات, ومن بيئات يعوزها الثقافة.
3) أن إكراه الطفل على تعلم القراءة وهو غير مستعد لها قد يؤتي ثمرة طيبة ولكنهامؤقتة, وقد أثبتت بعض التجارب أنه ليس من المستحيل بالنسبة للتلاميذ المبطئين في تعلمهم, أن يتعلموا القراءة ولكن ذلك يحتاج إلى قدر كبير من الجهد والوقت لا يمكن أن يتوافرا - علمياً - في الفصول المزدحمة بالتلاميذ.
4) أن المقاومة التي يبديها كثير من الأطفال الكبار تجاه القراءة وكراهيتهم لها يمكن أن تعزى غالباً إلى إكراههم عليها قبل أن يستعدوا لها وهم مبتدئون.
وقد ثبت من دراسة حالات العجز القرائي التي أحيلت إلى عيادات القراءة أن أكثرها يرجع إلى التعجيل في تعليمها للطفل قبل أن يبلغ النضج المناسب (5).
2- أسلوب التمهيل:
وعلى العكس من أسلوب التعجيل يتمشى أسلوب التمهيل مع القالب الذي يتبعه الطفل, وذلك أن يؤخذ كل طفل بالمعونة الفردية والتشجيع الذي يحتاج إليها لتعلم القراءة حينما يكون مستعداً لعملية التعلم.
والمبدأ الذي يقوم عليه هذا الأسلوب هو نفس المبدأ الذي يقوم عليه الكلام عند الطفل في الصبا, ونحن نعرف أن الطفل يتعلم الحديث بطريقة تلقائية ومن غير توجيه مقصود إذا أتيحت الظروف المناسبة. ويقصد بهذه الظروف أن يملك الطفل أجهزة السمع والنطق المناسبة. وأن يعيش في بيئة يستمع فيها إلى أحاديث الكبار, وأن تدعوه حاجات اجتماعية إلى استخدام اللغة في الاتصال. فإذا توافرت هذه الظروف فما على الآباء والأمهات إلا أن ينتظروا وهم في العادة لا يتعجلون الطفل في الحديث وإنما يمهلونه.
فهل من الممكن - إذن - أن نهيىء مثل هذا الجو لتعليم القراءة دون إكراه, لقد لجأ بعض المربين إلى هذا الأسلوب وحققوا نجاحاً كبيراً, وذلك إذا توافرت ظروف القراءة التي تتلخص في امتلاك الطفل أجهزة السمع والبصر والنطق ثم إتاحة فرص القراءة, وتهيئة حاجات اجتماعية تدعو إلى القراءة وتجعلها هدفاً قريباً.
ويعتمد هذا الأسلوب من الناحية العلمية على أن الأطفال يختلفون في استجاباتهم للبيئة التي تحيط بهم (6), وكل منهم يستجيب لما في هذه البيئة طبقاً لما بلغه من نضج في نموه وللطاقة التي تعمل فيه.
فهو يختار منها ما يناسبه وما هو مستعد له من خبرات, كما يرفض منها ما لا يناسبه أو ما لم يستعد له. وعلى هذا فإن على المعلم أن يمد الأطفال بالجو القرائي المناسب, ولكن الطفل نفسه سيكون الفيصل في تقرير ما إذا كان يقرأ, وفي تحديد الوقت الذي يبدأ فيه القراءة وبالتالي في استخدام المادة التي هيأها له المعلم.
وقد تبدو علامات هذه الاستجابة لعملية القراءة في بعض مواقف معينة مثل تلهف الطفل على النظر إلى الصورة, وفي إلقاء الأسئلة, وفي الاهتمام بالكتب والقصص والكلمات والإعداد ومحاولة الكتابة.
خلاصة هذا الأسلوب أن الطفل يتعلم القراءة بطريقة تلقائية طبيعية من غير إكراه, وكل ما يتطلبه الأسلوب أن يبدي المعلمون وأولياء الأمور شيئاً من الصبر والأناة, وأن يدعوا الطبيعة تقوم بدورها في رفق وهوادة.
3- أسلوب التأجيل:
يقوم أسلوب التأجيل على افتراض أن جميع التلاميذ يكونون أكثر استعداداً للقراءة حينما يكونون أكبر في السن, وبالتالي في عمرهم العقلي, والثابت عند علماء القراءة أن الذكاء هو أهم عامل مفرد بين العوامل التي تلعب دوراً في نجاح المبتدئين في القراءة, ولكن ينبغي ألا يغيب عن أذهاننا أن كثيراً من الأطفال يتعطلون (7) في تعلمها مع أن حظهم من الذكاء كبير, وذلك لأن هناك عوامل أخرى - غير الذكاء- تلعب دورها في استعداد الطفل, كالنضج الجسمي والنضج الاجتماعي والبيئة الثقافية وعادات الطفل اللغوية وخبراته السابقة.
ولعل مما يقوي حجة أصحاب أسلوب التأجيل أنهم باصطناع هذا الأسلوب يتيحون فرصة أوسع للطفل تزداد فيها خبراته, ويتسع محصوله اللغوي, ويكمل نضجه الجسمي والاجتماعي, علاوة على ارتفاع عمره العقلي, وبذلك يضمنون له بالتأجيل نجاحاً في تعلم القراءة بما أن تلك أهم مقومات الاستعداد لها.
ولذا كان أصحاب هذا الرأي يؤمنون بالتأجيل, فليس معنى ذلك أنهم يهملون "طريقة التعليم" المتبعة أو يهوِّنون من شأنها في نجاح الطفل أو إخفاقه.
ولكن الذي يعنونه أن تقدم الطفل - بأي طريقة من الطرق- يتناسب تناسباً طردياً مع زيادة نضجه العقلي, وأن الطفل البطيء اقل تعرضاً للقلق النفسي والاضطرابات الانفعالية في حالة ما إذا أجل تعليمه القراءة, وأن الأطفال الذين هم أكبر سناً وأكثر نضجاً يستطيعون أن يتعلموا مهارات أكثر في وقت أقصى مما يحتاج إليه أولئك الذين هم أصغر سناً وأقل نضجاً(8).
كيف نعلم الطفل القراءة?:
حينما نقدم للطفل ما نريد له أن يقرأه, ينبغي أن نعنى بزيادة الثروة اللفظية لديه, فنثري جوانب حصيلته اللغوية بكلمات جديدة ومعاني متعددة, مع ابتعادنا عن الغريب من الألفاظ أو الإكثار المبالغ فيه من المترادفات من الكلمات.
وينبغي أن نهتم بتدريب الطفل على استنباط الأفكار والمعلومات فنسأله بعد أن يقرأ موضوعاً ما, ماذا قرأت وماذا فهمت, وهل تستطيع أن تقسمه إلى أفكار أو إلى أحداث مرحلية, فنغرس فيه الدقة والعمق في فهم المادة المقروءة.
وعلينا أيضاً أن نعود الطفل القراءة الصامتة بعد أن كان يقرأ قراءة جهرية فنوفر عليه الجهد والوقت ونساعده على زيادة فهم ما قرأه.
وحين نعلم الطفل القراءة ينبغي أن نعوده على سرعة القراءة, فنساعده على قراءة الإعلانات في وسائل الإعلام المختلفة أو سرعة تصفح الجرائد والمجلات اليومية, ولا ننسى أن نسأله ما الذي استرعى انتباهك أو استوقف نظرك وأنت تقرأ الصحيفة أو المجلة.
وحين نشرع في تعليمه القراءة - أيضاً - علينا أن نعطي من أنفسنا القدوة والمثل في حبه القراءة والمعرفة, فيتعين أن نهتم بالزاد القرائي للطفل اهتماماً موازياً بمأكله وملبسه فنوفر له القصة والكتاب والمجلة, ونشجعه على القراءة في أوقات معلومة فينشأ الطفل ومعه نفس تواقة إلى المعرفة والقراءة ويجتهد دائماً في البحث عن المعرفة أينما كانت.
وتوفير الكتاب للطفل يحتاج إلى التدقيق في نوعه فنختاره متفقاً مع ميول الطفل وفي مضمونه فنراعي فيه بساطة الفكرة ووضوحها وقرب المأخذ وسهولته, وأن يكون جيد الطبع واضح الحروف جميل الصور من ورق مصقول بحيث يشوق الطفل ويستثير اهتمامه, هذا بالاضافة إلى توفير مكان جيد الاضاءة كي يقرأ الطفل بسهولة ويسر, حيث أن الطفل يرغب في تملك الأشياء والاستحواذ عليها فينبغي أن نخصص له كتبه, ونخصص له مكتبته كلما كان ذلك ممكناً, ونعلمه المحافظة على الكتاب, فنشبع في ذاته غريزة التملك.
العوامل المؤثرة في عملية تعلم القراءة:
كان من نتائج الدراسات والأبحاث اهتمام المدرسة الحديثة بالأطفال الذين يظهرون نوعاً أو أكثر من أنواع الضعف في القراءة, ومحاولة الكشف عن هذا الضعف ودراسة مظاهره وتشخيص أعراضه ووضع أنواع العلاج له (9).
وقد كانت دراسة حركات العين في القرن الثامن عشر محاولة مهمة للوقوف على طبيعة عملية الإبصار في أثناء القراءة لتمد العلماء بالأسس التي يستندون إليها في تشخيص ناحية من نواحي الضعف في تلك العملية, ثم تطورت الأبحاث في هذا الصدد.
وأدت الأبحاث الخاصة بحركات العين في أثناء القراءة إلى غيرها من الدراسات والتجارب التي تستهدف جميعها تشخيص عيوب القراءة وأصبح للقراءة عيادات تفحص عن تلك العيوب كما يفحص الأطباء عن الأمراض في عياداتهم, وتعددت الأجهزة والآلات التي تستعمل في تلك العيادات, وكثرت أنواع الاختبارات التي يستعان بها على معرفة الأدواء ووصف الدواء.
والمصطلح عليه الآن أن الطفل المتأخر في القراءة هو الذي تكون قدرته على القراءة أقل من المتوسط بالنسبة لعمره أو فرقته الدراسية. وإذا عرضنا نتائج الأبحاث المختلفة التي أجريت للوقوف على أسباب التأخر في القراءة نجد أن هذه الأسباب يمكن إرجاعها إلى ما يأتي:
1) عوامل بصرية.
2) عوامل عصبية .
3) عوامل متعلقة بالسمع والنطق واللغة.
4) عوامل جسمية عامة.
5) عوامل عقلية .
6) ردود أفعال عاطفية.
7) عوامل اجتماعية أو بيئية(10).
كذلك فإن العوامل العقلية لها أثر كبير في عملية تعلم القراءة حيث إن القراءة عملية معقدة, إنها رد فعل معقد للصحيفة المكتوبة يتضمن عمليات مختلفة يقوم بها المخ.
ويتفق معظم الباحثين على وجود علاقة إيجابية بين درجات اختبار الذكاء ودرجات اختبارات القراءة, ولكنهم يختلفون في مدى هذه العلاقة, حيث أن معظم الباحثين يتفقون على أن العمر العقلي الذي يزيد على ست سنوات يتحقق معه تعلم القراءة بنجاح. والواقع أن معظم ما يحدثه الأطفال من عيوب في القراءة ينجم عن نقص في القدرة على تعلم القراءة في مراحل التعليم المبكرة.
تقول " Durrell" إن الخلط بين الكلمات والتخمين عند محاولة تمييزها يكثران بين أطفال السنة الأولى الذين يقل عمرهم العقلي عن خمس سنوات (11).
المــــــــراجـع:
1) مقال لنا بعنوان: "أطفالنا .. هل يقرؤون?" مجلة العربي, السنة السابعة والثلاثون, العدد ,431 أكتوبر 1994 , ص 166 - 167 .
2) أحمد عبد الله أحمد, وفهيم مصطفى محمد, "الطفل ومشكلات القراءة", الطبعة الأولى, الدار المصرية اللبنانية, ص 36 .
3) المرجع السابق, ص 36 .
4) محمد محمود رضوان, "الطفل يستعد للقراءة", القاهرة: دار المعارف, الطبعة الثانية, ص 69 .
5) المرجع السابق, ص 70 - 71 .
6) المرجع السابق, ص 72 .
7) المرجع السابق, ث 74 .
8) المرجع السابق, ص ص 75 - 76 .
9) محمد قدري لطفي, "التأخر في القراءة تشخيصه وعلاجه", القاهرة: مكتبة مصر بالفجالة, ص 29 - 30 .
10) المرجع السابق, ص 32 .
11) حامد عبد القادر, محمد عطية الإبراشي, محمد مظهر سعيد, "علم النفس التربوي: النمو العقلي", القاهرة: دار الكتاب العربي للطباعة والنشر, الجزء الأول, الطبعة الرابعة, ص268 .
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]
________________________________________
عطية العمري
07-27-2005, 03:14 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
( 1 ) هـل تقـرأ ؟
القدرة على القراءة نعمة من نعم الله، كغيرها من الوسائل التي آتاها الله ابن آدم، وإذا أردت أن تعرف هذه النعمة العظيمة فما عليك أيها القارئ، إلا أن تقارن بين نفسك وبين من لا يقرأ من أقاربك أو أصدقائك، لترى الفرق الهائل بينك وبينهم، فأنت تنظر إلى الحروف المترابطة التي تتكون منها الكلمات، والكلمات المتتابعة التي تتكون منها الجمل المفيدة، والجمل المفيدة التي تتكون منها الموضوعات الكاملة، التي قد تثمر كتابا أو مجلدات، وأنت تتابعها حرفا حرفا، وكلمة كلمة، وجملة جملة، وسطرا سطرا، وموضوعا موضوعا، وكتابا كتابا، ومجلدا مجلدا، تغذي بمعانيها عقلك، الذي لا يزال ينمو ويترقى في سلم أعالي العلوم والمعارف بشتى أنواعها وهي التي تستحثه بقراءاتك المتكررة، لشتى أنواع الثقافة، إلى أن يكون (العقل) ميزانا لما ينفعك من التصرفات، فيشعل لك بذلك سراج الهداية لتستضيء به في مسير حياتك للتشبث بكل نافع مفيد، وميزانا لما يضرك من النشاطات، فيرفع لك معلم التحذير من سلوك سبل الباطل التي تحرضك على سلوكها نفسك الأمارة بالسوء، والهو المردي والشيطان الرجيم. فيتعاون العقل السليم والفطرة النيرة والوحي المبين، على قيادتك إلى ربك لتحقيق ما ترضيه به في دنياك وآخرتك.
القراءة تصل القارئ بالعصور الغابرة من التاريخ، بما فيه من خير وشر، وتجعله-إذا دوَّن أفكاره-متواصلا مع الأحقاب اللاحقة، ينقل للأجيال القادمة أحداث عصره، وعادات جيله، وتاريخ أمته، كاشفا لهم تجارب عصره، بما فيها من إيجابيات يدعو لاقتفائها، وسلبيات، يحذر من الوقوع فيها.
أما من لم يقدر له الله أن ينال هذه النعمة-نعمة القراءة-فلا تراه يفرق بين المكتوب والمرسوم، واللعب والجد، والحق والباطل، مما يسطر في صفحات الكتب والجرائد والمجلات، والألواح والصخور، إلا بأن هذا لون وذلك لون صوَّرتْه له الرؤية، لا يعلم من محتواه شيئا، ولا يدري من مضمونه عرفا ولا نكرا، يرى الحروف والكلمات والجمل والسطور، رؤية قد يعجبه جمالها، دون أن يعرف ما تحمله في أحشائها من جواهر وأصداف، أو ما أثقلت به صنوانها الدانية وأغصانها من ثمار لذيذة يانعة.
لا فرق بينه وبين صبي خرج لتوه من رحم أمه، أو مجنون فقد عقله، فكلهم حرُِم من التمتع بنعمة القراءة، إلا أن الصبي والمجنون معذوران بسقوط التكليف عنهما، وهو من المؤهلين للتكليف العيني والواجب الكفائي في أمور دينه ودنياه.
منزلة القراءة في الإسلام:
ولأهمية القراءة في الإسلام كانت أول كلمة في أول سورة نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم، هي أمره بالقراءة بادئا باسم الله، كما قال تعالى: ( اقرأ باسم ربك الذي خلق [1] ثم كرر الأمر بها فقال: (اقرأ وربك الأكرم)[3] العلق.
وكان الأمر بهذه القراءة، فاتحة لقراءة هذه الأمة عالَمَ الأرض والسماوات، وما فيهما وما بينهما، من أفلاك وكواكب وشموس وأقمار ومجرات، وبحار وسحاب، ومطر وبرق ورعد، وبرد وحر وجليد، وحيوانات لا يحصيها إلا خالقها في البر والبحر والجو، وجبال متنوعة في كبرها وصغرها وألوانها، وأنهار هي شرايين الحياة في الأرض، تصل بين الجبال والسهول والبحار، تمد البشر والحيوانات والأرض بماء الحياة، وتمكن الناس من الانتقال بوساطتها من مكان إلى مكان، لا حيلة لهم –في كثير من المناطق- في ذلك التنقل بدونها، يأكلون من طري أسماكها، ويلبسون من جواهرها وحليها، وأشجار وغابات، يتنفس البشر من هوائها النقي
وأمر الله هذه الأمة بالقراءة في سورة هي من أول السور المكية نزولا فقال لهم: (فاقرءوا ما تيسر من القرءان .. فاقرءوا ما تيسر منه) [20 المزمل]
وبذلك أصبحت الأمة الأمية التي لا تقرأ ولا تكتب، تُعَلِّم عالَمَ الأرض من ذوي الحضارات العريقة علوم الدنيا والآخرة، ومعارف الأرض والسماء، وسياسة الأمم العادلة التي تجلب لهم السعادة، وتدفع عنهم الضنك والشقاء.
فسل نفسك هذا السؤال الذي قد تظنه فضولا: هل أقرأ؟
( 2 ) هل تقرأ ؟ ماذا تقرأ ؟
الحلقة الأولى: هل تقرأ ؟(1)
الإنسان مكون من عناصره الثلاثة الرئيسة: الجسم، والقلب، والعقل، وهذا التقسيم قصد منه تقريب المعنى لحاجات هذا الإنسان التي لا يستغني عنها لبقاء حياته المعتدلة المستقرة، بحيث لا يطغى اهتمامه ببعض تلك الحاجات دون بعض. هذا هو السبب في هذا التقسيم، وإلا فالثلاثة مرتبة ارتباط بعض أعضاء العنصر الواحد ببعض، كارتباط بعض أعضاء الجسد ببعض.
وبناء على هذا التقسيم يمكننا معرفة حاجات الإنسان:
فجسمه يحتاج إلى ما يجلب له النافع، ويدفع عنه الضار، من غذاء، ونظافة، وحركة، ولباس ... وغيرها. فإذا أهمل هذا الجسم ولم يعتن به أتاه من الأمراض والأسقام ما يضعفه أو يهلكه.
وعقله يحتاج إلى المعارف والعلوم والأفكار التي تتمم له تصوراته السليمة، وتقويها عنده، و تنير له الطريق وتبصره بما لا قدرة له على تصوره الصحيح مستقلا عما سواه، وتعصمه من الزلل وتضع له معالم ميدانه الذي إذا خرج عنه ضل سواء السبيل. وإذا أهمل هذا العقل، ولم يهتم بما يحتاج إليه من المعارف والعلوم جمد عن التفكير والإبداع، أو ضل عن السبيل السوي.
وقلبه –أو روحه- يحتاج إلى النور الإيماني والطاقة العبادية، و المدد الأخلاقي، تلك الأسس التي تضبط صلته بربه، وبنفسه، وبأبناء جنسه، وبالكون من حوله. وإذا لم تعط هذه الروح ما تحتاج إليه من الغذاء الرباني، جفت وقست، وساءت صلة صاحبها بربه وبنفسه، وبأبناء جنسه، وبالكون من حوله.
فينبغي أن يكون لكل من هذه الحاجات الثلاث: حاجة الجسم، وحاجة العقل، وحاجة الروح أو القلب، نصيب من قراءة الإنسان، ليعطي كل عنصر حقه من القراءة.
وغالب الناس –إذا ابتعدوا عن التشريع الإلهي-لا يعدلون في القسمة بين هذه العناصر، بل يبالغون في الاهتمام ببعضها، ويظلمون بعضها الآخر:
فتجد فريقا من الناس يهتمون بالجسم: غذاء ونظافة، ولباسا ومسكنا، وحركة... وإشباعا لغرائز، ويهمل وروحه وعقله، فلا يعطيهما حقهما، ولهذا تجد هذا الفريق يكثر من ذكر الطعام والشراب، والرياضة، والمال والتجارة، والأدوات المادية من مساكن ومراكب، وعقارات، ونساء....، فإذا جمعه مجلس كثر فيه ذكر ما لم يألفه من غذاء العقل والروح، ضاق به ذرعا، وفر منه هاربا كفرار الجبان من عدوه في ساح القتال.
هذا الفريق قد لا تجد فرقا بينه وبين الحيوان، إلا أنه إذا نطق فهم ابن جنسه معنى ما نطق به، أما ما عدا ذلك فقد يكون الحيوان –في الجملة- أفضل منه.
وتجد فريقا آخر يهتم بالعقل، فتراه مكبا على شتى العلوم والمعارف والفلسفات، إذا قال تسمع لقوله، وهو مهمل لروحه لم يعطها حقها من الغذاء الإيماني، ولهذا تجده قاسي القلب، خاوي الروح، بعيد الصلة بالله، وقد يكون سيئ الصلة بالناس، لا تقوى ولا ورع، ولا عبادة. وهذا قد ينفع الناس ببعض علمه وأعماله واختراعاته، ولكنه لا ينتفع هو من ذلك إلا الجزاء المادي والثناء عليه فيها بما عمل. أما في الآخرة فليس له عند الله من خلاق.
فماذا تقرأ؟
تصور أن جلسة ضمتك مع أربعة أصناف من البشر:
أحد ها مهتم بالجسم اهتماما مبالغا فيه.
والثاني مهتم بالعقل اهتماما غاليا.
والثالث مهتم بالقلب أو الروح اهتماما مُفرِطا.
والرابع مهتم بالثلاثة اهتماما معتدلا.
وطلبت منهم إرشادك إلى ما يفيدك من القراءة. فما ذا سيقول لك الأربعة؟
ستجد في الصنف الأول من يسهب لك في الكلام على تغذية الجسم بأنواع الأطعمة والأشربة المفيدة.
وتجد منهم من يسهب لك في الكلام على أنواع الرياضة المقوية لكل عضو من أعضاء الجسم، ثم كل واحد ستجده يعرض محاسن رياضته المفضلة: كرة قدم، كرة سلة، الكرة الطائرة، الجري، القفز، السباحة، ركوب الخيل، سباق السيارات....
وستجد فيهم من يسهب لك في الكلام عن النظافة وأدواتها.
وستجد فيهم من يعدد لك الملابس الصيفية والشتائية، ويعرض لك ما صنعته بيوت الأزياء للرجال والنساء، الأطفال والكبار.
وستجد فيهم من ينصحك بالبعد عن مضرات الجسم، كشرب الدخان وتناول المسكرات والمخدرات والبعد عن البيئة الملوثة جوا وبرا وبحرا، ويحذرك من شرب المياه غير الصحية ....
وستجد من ينصحك بالمحافظة على مراجعة طبيبك والمداومة على الفحوصات الطبية الكاملة المحددة المواقيت ...
وستجد في الصنف الثاني من يغريك بكثرة القراءة والاطلاع على أنواع المعارف والثقافات والفلسفات، وكل منهم يجذبك إلى قراء ما تخصص فيه، أو كان هواه معه، هذا يزين لك القراءة في الشئون السياسية، وهذا يحبذ لك القراءة عن الشؤون الاجتماعية، وذاك يعدد لك محاسن القراءة عن الوسائل الإعلامية، وآخر يغريك بالغوص في الأمور الاقتصادية، وغيره يرفع لك فوائد قراءة المناهج التربوية، وصنوه يحثك على قراءة العلوم النفسية... كل واحد منهم يرغبك لتكون موسوعة في مجاله الذي فضله في تلك المجالات. وكل منهم قد يقول لك: اطلب العلم للعلم، وليس لشيء آخر...
وستجد في الصنف الثالث من يحثك على البعد عن ملذات الدنيا وزخارفها، والإقلال من الطعام والشراب، ولبس الخشن من الثياب، والإكثار من التأمل، وإطلاق شعورك وأظافرك، و الابتعاد عن مخالطة الناس ويحضك على الانزواء عنهم في دير أو معبد، أو مسجد.
ويقول لك: إن الجسم عدو من أعدائك، فعاقبه بحرمانه مما يقويه، واجعل نفسك جلدا على عظم، لا يحول بينهما لحم ولا شحم، واهتم بروحك وقلبك فقط، ففيهما راحتك ونجاتك.
أما الصنف الرابع فستجده يقول لك: الله خلقك فسواك فعدلك. وأنت عبد لله جسمك وعقلك وقلبك لربك، في حياتك وفي ومماتك: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العلمين لا شريك)
والثلاثة كلها –الجسم والعقل والروح-أمانة عندك يجب عليك أن تعطي كل ذي حق حقه:
فللجسم غذاؤه وكساؤه ونظافته وحركته وجماله وصحته، كل ذلك بتوسط واعتدال، فلا تفريط ولا إفراط: (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك) (وكلوا واشروا ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين) (ثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه)
وقد سابق الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه وبناقته، وشرع المسابقة للفرسان، وأثنى على الرمي والرماة: (ارموا) وقال (وأن لبدنك عليك حقا) وأمر الله المسلمين بإعداد العدة، لإرهاب أعدائهم...
(خذوا زينتكم عند كل مسجد) (إن الله جميل يحب الجمال) (إن الله يحب أن يرى نعمته على عبده)
وللعقل حظه من العناية، وقد أبدى القرآن وأعاد في العناية به وهو مناط التكليف في شرع الله، وقد جال به القرآن الكريم في ملكوت السماوات والأرض: في النجوم والكواكب والشمس والقمر، والليل والنهار، ومع السحاب والمطر والبرق والرعد، ومع الملائكة في الملأ الأعلى.
كما قاده إلى السياحة في الأرض: لينظر كيف يحييها الله وكيف يميتها، وكيف مكنه من السير في مناكبها دون عناء ولا مشقة، وأودع فيها ما يجعل حياته عليها سهلة ميسرة، ما أحسن استغلالها وقام بعمارتها النافعة المفيدة، وقاده كذلك إلى السياحة في بحارها وأنهارها وأشجارها وغاباتها وحيواناتها دقيقها وجليلها، ونبهه على عظمة الجبال وألوانها ووظيفتها وفائدتها.
ولفت نظره إلى نفسه وتطورات خلقه العجيبة وتاريخ حياته في الدنيا والآخرة. (وفي السماء رزقكم وما توعدون وفي الأرض آيات للموقنين، وفي أنفسكم، أفلا تبصرون)
وللقلب كذلك نصيبه الوافر الذي يصله بربه من إيمان صادق، وعلم نافع، وعبادة مخلصة، وأخلاق فاضلة:
الإيمان بأصوله وفروعه الذي ينير القلب ويهديه إلى سواء الصراط، ويربطه بإخوانه المؤمنين من الإنس والجن في الأرض، والملائكة في السماء. وبه يكون فلاحه وسعادته، وبعدمه تكون شقاؤه وخسارته.
والعلم النافع المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، الذي يجعله يسير في حياته على بصيرة من أمره، بنير له الدروب، ويرفع له معالم هادية في الطريق، فلا يضل ولا يشقى.
والعبادة –وهي العمل الصالح-فرضها ونفلها، التي يؤديها كما أمره الله مخلصا له، لا بشرك فيها بربه أحدا، وهي التي تمد إيمانه بالقوة ومزيد اليقين. العبادة الشاملة التي تجعل حياته ومماته كلها لله.
يستطيع المسلم أن يجعل حياته كلها بالنية الصادقة عبادة لله، فقيامه بفرائض الطاعات ونوا فلها عبادة، وتركه المحرمات والمكروهات عبادة، وتعاطيه المباحات أو تركها، تقربا إلى الله عبادة.
والخلق الحسن الذي يعامل به القريب والبعيد من الناس، من طلاقة الوجه، ولين الجانب، وأدب اللسان، وبذل المعروف، وصدق الحديث ... كل ذلك يزيد القلب نورا، ويمده بمعين لا ينضب من الصفاء والنقاء والصلة القوية بالله، وحسن المعاملة مع خلق الله من إنس وجن وحيوان.
وهنا يعلم الإنسان أنه محتاج إلى أن تكون قراءته عامة شاملة لما يحتاجه بصفته إنسانا كامل الإنسانية، يُعنَى في قراءته بجميع عناصره(جسمه وعقله وروحه) المترابطة ترابطا لا يكون الإنسان كامل الإنسانية إلا بها.
( 3 ) هل تقرأ؟ لماذا تقرأ؟
سبق الكلام في القراءة على حلقتين:
الحلقة الأولى: هل تقرأ ؟(1)
الحلقة لثانية: هل تقرأ؟ ماذا تقرأ؟(2)
وهذه هي الحلقة الثالثة:لماذا تقرأ؟
عرفنا فيما مضى أن الإنسان يتكون من جسم وعقل وروح أو قلب، وأنه ينبغي أن يهتم بذلك كله، فعليه أن يقرأ –بتوازن-ما يفيده في جسمه وعقله وروحه، ومعنى هذا أنه يقرأ ليحفظ ما أنعم الله عليه به من جسم وروح وعقل.
ومن هنا يعرف العاقل لما ذا يقرأ؟
إن جسمه في حاجة إلى أن يعرف ما ينفعه ويحفظ صحته، من نظافة، وغذاء، ولباس، وغذاء-أكلا وشربا-وحركة، وراحة.
وإذا كان الإنسان يعرف –غالبا-ما يحتاج إليه جسمه من هذه الأمور، فإنه قد يجهل كثيرا منها، ويحتاج إلى من يرشده إلى معرفة ما يجهل، والقراءة إحدى وسائل الإرشاد.
وعلى سبيل المثال: يختلف الناس في الطعام الصالح لكل منهم، بحسب ما هم عليه من صحة ومرض، والمرضى يختلفون كذلك: فالطعام النافع لمريض، قد يكون ضارا لآخر.
ويختلف الناس في الحركة المفيدة والحركة الضارة، فهذا يحتاج إلى بذل جهد كبير من الرياضة التي تجلب له الصحة والقوة، وتذهب عنه الأسقام والأمراض، وذاك يحتاج –للمحافظة على صحته-إلى جهد أقل، وآخر يحتاج إلى السكون وقلة الحركة أو عدمها.
والذي يبين لكل إنسان ما ينفعه وما يضره، هم المتخصصون، كل في مجاله، وقد ألفت في ذلك كتب، وكتبت أبحاث، ونشر الكثير منها في مواقع الشبكة العالمية (الإنترنت) ينبغي أن يهتم كل واحد بقراءة ما يفيده في محافظته على جسمه، لأن جسمه أمانة عنده لا ينبغي أن يفرط فيه. وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أنه قال:(إن لجسمك عليك حقا) قال: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله)
والأمور المتعلقة بالجسم يهتم بها غالب العقلاء، لأن دواعيها محسوسة، يشعر بها كل واحد، ويصعب صبره على ضررها.
فإذا شعر بالجوع طلب الطعام، وإذا شعر بالعطش طلب الماء، وإذا شعر بالمرض طلب الدواء، وإذا شعر بالحر طلب ما يقيه منه، من تبريد أو غطاء، أو ظل، وإذا شعر بالبرد، تعاطى طلب أسباب الدفء.
ولهذا تجده يتتبع ما يكتب عن الأمور التي يحتاج إليها، فيقرأها ليصل إلى ما يمكنه من تحقيق غرضه.
فكم ترى من مرضى السكر –مثلا- يتتبعون ما يكتب عنه، وعن أضراره، والوقاية من مضاعفاته، وعلاجه... وهكذا غيره من الأمراض، وقانا الله وجميع المسلمين شرها.
أقصد من هذا أن العناية بالجسم عند العقلاء، من الأمور التي تتوافر الدواعي والأسباب إلى السعي إليها، والقراءة عنها أكثر من غيرها.
أما تغذية العقل بالأفكار والمعاني، فهي في المرتبة الثانية بعد الجسم، تجد غالب الناس لا يهتمون بها كما يهتمون بالعناية بأجسامهم، ولهذا تجد قراءتهم لهذا الغرض أقل من قراءتهم لما يتعلق بالجسم، لأن فائدة العناية بتغذية العقل ليست محسوسة، مثل فائدة العناية بالجسم، وفي ذلك خسارة عظيمة.
ولهذا كثر في القرآن الكريم التنبيه على أهمية العقل، بلفظه أو معناه: مثل قوله تعالى: ((إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون)) البقرة: 164
ومثل قوله تعالى: ((إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون)) الأنفال: 22
وهما كما ترى نموذجان يتكرران في القرآن الكريم: ((يعقلون)) بالإثبات مدحا لذوي الاهتمام بعقولهم، واستعمالها فيما خلقت له، من التفكر في مصالح أهلها الدنيوية والأخروية لتحصيلها، وفي المفاسد التي تضرهم، لتجنبها.
و ((لا يعقلون)) بالنفي، ذما لمن لم يهتموا بعقولهم، فلم يستعملوها فيما خلقت له، فلم يسعوا في تحصيل مصالحهم الشاملة للحياتين، بل سعوا في جلب المفاسد المدمرة على أنفسهم وعلى غيرهم.
حتى إنك لترى من استعملوا عقولهم في الابتكارات العلمية الكونية المادية، ووسائل العيش ذات الرفاهية، كما هو حاصل في هذا العصر، ولكنهم أهملوا استعمال تلك العقول في إسعاد البشرية بتلك الابتكارات وتلك الوسائل، فدمر الأقوياء بها الضعفاء، وفي الحروب المعاصرة على ذلك الدليل القاطع.
والسبب في ذلك اهتمام تلك العقول بالأمور المادية ومتع الحياة الدنيا، وغفلتها عن الحياة الدائمة السعيدة، حياة الآخرة التي تكون فيها السعادة المطلقة، أو الشقاء المطلق.
كما قال تعالى عن أمثال هؤلاء: ((وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون. يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون)) الروم: 6-7
أما العناية بالقلب وتغذيته بالمعارف الربانية، وإضاءته بالأنوار الإيمانية، وإمداده بالشعائر العبادية، من الفرائض والنوافل المقربة إلى الله تعالى، فأهلها هم أقل الناس في هذه الحياة.
وليسأل كل منا نفسه: ما نسبة قراءته لما يقوي إيمانه من قراءة القرآن وتدبره، ليعرف فيه صفات المؤمنين المفلحين، وصفات الكافرين والمنافقين الخاسرين، ليبحث عن نفسه بين هذه الأصناف الرئيسة ليعرف أين موقعه منها، وأي الصفات تغلب عليه، وهل يجاهد نفسه ليتصف بصفات المؤمنين، أو هو غافل عن ذلك، وفيه من صفات غير المؤمنين ما هو في أمس الحاجة إلى تغيير ما بنفسه حتى يغير الله ما به؟
وليسأل كل منا نفسه: هل يكثر من قراءة الأذكار المطلقة والمقيدة التي تملأ قلبه إيمانا بالله ورسوله، ومحبة لله ورسوله وعباده المؤمنين، وخوفا من الله وعقابه في الدنيا والآخرة؟
هل اهتم كل منا بقراءة حقوق ربه، وحقوق نفسه، وحقوق أهله من أبوين وأولاد وأزواج، وجيران وزائرين، ليعطي كل ذي حق حقه؟
هل اهتم كل منا بقراء ما نناجي به ربنا في ظلمة الثلث الأخير من الليل، من تهجد وذكر وابتهال وتضرع إلى الله، طالبين مغفرته وعفوه ونصره لعباده المؤمنين المستضعفين في الأرض؟
هل اهتممنا بقراءة دعامة النصر ومنطلق العزة بعد الإيمان: الجهاد في سبيل الله الذي أذلنا الله لأذل خلقه، بسبب غفلتنا عنه وعدم رفع رايته؟
هل اهتممنا بقراءة المصير بعد هذه الحياة: الموت الذي لا مفر لنا منه، وهو آت لا محالة في أي لحظة من لحظات أعمارنا؟ هل قرأنا عن ساعة الموت ونزع الروح والفرق بين قبض أرواح المؤمنين وأرواح الكافرين؟
هل قرأنا عن أحوال أهل القبور، وأسئلة منكر ونكير، ونعيم القبر وعذابه؟
هل قرأنا عن البعث والنشور والحشر والحساب والجزاء والصراط والجنة والنار، وعن الإعداد لكل ذلك؟
هل قرأنا صفات الجنة وأهلها، لنعمل الصالحات، رغبا فيما أعد الله فيها لعباده المؤمنين؟
هل قرأنا عن صفات النار وأهلها، لنترك السيئات، رهبا مما أعد الله فيها لأعدائه الكافرين، وعصاة المؤمنين؟
هل نتذكر ونحن نقرأ في حياتنا الدنيا اليوم الآخر الذي سنقرأ فيه كتابنا، عندما يقال ((اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا))؟
ألا نتذكر قراءة من يؤتى كتابه بيمينه، ومن يؤتاه بشماله: ((يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية. فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه. إني ظننت أني ملاق حسابيه.فهو في عيشة راضية. في جنة عالية. قطوفها دانية. كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية. وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه...))
إن الذي نقرأه اليوم ونعمل به، سنؤتاه غدا ونحاسب عليه.
فليسأل كل من نفسه: لماذا أقرأ وليجب بما يعرفه هو عما يقرأ. وفقنا الله جميعا لما يحبه ويرضاه.
( 4 ) هل تقرأ ؟ كيف تقرأ ؟
1- تصور أن هذا اليوم يكمل من عمرك ست سنوات، وقد أمن لك والداك ملابس المدرسة، وكتبها ومستلزماتها، من أقلام ودفاتر، وقد حببا إليك المدرسة منذ فترة، وذكرا لك ما ستجده فيها، من مدرسين وزملاء، وألعاب، وقراءة وكتابة...
وفي هذا الصباح بادرت أمك –على غير العادة- بإيقاظك في وقت مبكر، وأنت تغط في نوم عميق، تحت غطائك الدافئ، فنظرت إليها متعجبا من إزعاجها لك، فصحت باكيا قائلا: ماما دعيني أنام! فقالت لك: لا يا بابا يا حبيبي، اليوم هو أول يوم من الدراسة! اصح. قم اغتسل وتوضأ وصل، والبس ثيابك وخذ حقيبتك، لا تتأخر، زملاؤك كلهم في طريقهم إلى المدرسة، فأخذت تختفي تحط غطائك، وأخذت أمك ترفعه، وتصر على قيامك، فقمت غاضبا، محدقا بعينيك في وجه أمك التي ألفت منها الرحمة واللين وعدم الإزعاج! ثم قربت إليك-على غير العادة أيضا-طعام الإفطار، وقالت لك: يالله حبيبي أفطر! فنظرت إليها في عجب! قائلا: لا أريد الطعام الآن! وبعد أخذ ورد تناولت قليلا من الطعام مكرها.
وربطت لك أمك حقيبتك من وراء ظهرك، و على كتفك مشربة ماء(زمزمية) فخرجت كأنك جندي يحمل أدوات القتال إلى أرض المعركة. فأوصلك أحد أبويك إلى المدرسة، وأراد أن يدعك ويعود إلى المنزل، فصحت قائلا: بابا، أو ماما! تعال أو تعالي معي لا تتركيني وحدي! فلما لم يستجب لرغبتك أبوك أو أمك، أخذت تصيح منتحبا: بابا ماما، وتكرر ذلك!
وجاءك المشرف الاجتماعي، وأخذ يربت على كتفك ويقول لك: لا تخف أنت الآن في المدرسة، انظر هؤلاء هم زملاؤك، ثم طلب منط أن تدخل في الصف(طابور الصباح) وأخذ يردد لك ولزملائك النشيد الصباحي... ويطلب منك ومن زملائك أن ترددوا ذلك وراءه...
ثم دخلت الصف، فرأيت المدرس يكتب بالقلم الأبيض(طبشور) في اللوح الأسود(سبورة) ألف، باء، ت، ث، ويقرأ ذلك بتؤدة، ويطلب منكم أن ترددوا ذلك وراءه، فأخذت تردد ذلك، حتى حفظته، ولكنك لا تعرف غير التلفظ.
وطلب منك أن تكتب في دفترك تلك الحروف، فأخذت تحرك القلم إلى الأعلى والأسفل، ويمينا ويسارا، دون أن تقترب من كتابة ما يشبه حرفا واحدا.
ثم قال لك المدرس –وهو تربوي حكيم-: أرني دفترك، فلما نظر إليه، ابتسم ثم قال: ما شاء الله! تشجيعا لك على المضي في الكتابة. وكتب في دفترك: إلى ولي أمر الطالب: الرجاء مساعدته على قراءة الواجب وكتابته.
فلما رجعت إلى أبويك، واسترحت من عناء هذا اليوم الغريب، بدأت أمك تساعدك في حل الواجب، فقالت لك: كيف أنت حبيبي هل عرفت درس اليوم؟ قلت: نعم يا ماما!
فنظرت إلى دفترك، وفتحت لك كتاب التهجي، وأرتك الحروف الأربعة فيه: أ، ب، ت، ث. وقالت ما هذا وأنت قد حفظت هذه الحروف: فقلت دون أن تنظر إلى الحروف: أ، ب، ت، ث.
فأشارت لك إلى (أ) ما هذا؟ فقلت: أ، ب، ت، ث. وتابعتك أمك وأبوك يوما فيوما، وتابعك المدرس كذلك يوما فيوما، وبعد لأي وتعب من قبلك، ومن قبل أبيك وأمك ومدرسك، استطعت أن تفرق بين حرف وآخر، وهكذا الكتابة، التي لم تصل إليها، إلا بعد مسك أمك وأبيك بيدك التي تكتب بها، ومرناك على كتابة كل حرف على حدة، ثم طلب منك تكرار الكتابة ناسخا ذلك من كتاب الخط أو التهجي.... ماذا ترون بع هذا؟ هل القراءة سهلة أو صعبة؟ ألا ترون أنها تتطلب صبرا ودابا دائمين، حتى يتمكن الإنسان من القراءة، وكذلك الكتابة؟!
2- ثم تصور أنك رجل أمي، أو امرأة أمية، لا تقرأ ولا تكتب، ترعى غنمك أو بقرك، في شعب من شعاب أهلك وقبيلتك، فجاءك من يقول لك: (اقرأ) فقلت له: أنا لا أقرأ! فقال لك: يجب أن تقرأ؟ وأحسست بأنه قوي وأنت ضعيف لا تستطيع عصيانه، فقلت له: أنا لا أقرأ، وهو يقول لك: لا بد أن تقرأ! فلما أحسست بألاَّ مناص لك من الاستجابة له، قلت له: ما ذا أقرأ؟ فتلا عليك جملة أو جملتين فقرأتها كما سمعتها، وأخذ يزيدك جملة أو جملا، وأنت تتابعه، فلما كثرت عليك الجمل شعرت بصعوبة استحضار ما سمعت وقرأت، ماذا يمكنك أن تفعل لتستمر في القراءة؟إما أن يعلمك الكتابة لتقيد ا يجب أن تقرأه، والكتابة تحتاج إلى جولات جديدة من التعليم والتعب، وإما أن تجتهد في حفظ ما تسمع وتقرأ، وفي هذا من الصعوبة ما فيه، إضافة إلى أن المعلومات التي تقرأها ستكون محدودة، إذا لم تكن عندك ملكة القراءة، لتقرأ كل ما يكتب بلغتك. أليست القراء صعبة، وكذلك الكتابة، ومع ذلك لا بد، مهما كانت صعوبتهما؟
صعبة على الطفل والأمي، لعدم تعلمهما القراءة، وصعبة على من تعلم القراءة، من حيث صبره على القراءة النافعة التي تحتاج إلى تأمل وتفهم.
ما هذا يا دكتور؟!
نعم. أتوقع أن يقول أحدكم أو بعضكم: كنت تتحدث عن طفل بدأ دراسته وسنه ست سنوات، ورجل أمي أو امرأة أمية، ما ذا تريد منا نحن وقد بلغنا من الأعمار الأربعينات أو الثلاثينات، أو العشرينات، وقد تخرجنا في الكليات، أو على الأقل حملنا الشهادة التوجيهية، نحن قد قرأنا وكتبنا، وأصبحنا مثقفين، أتريد أن تعيدنا إلى أطفال وأميين، ماهذا يا دكتور؟!
وأقول: على رسلكم أيها الأحباب، فقد عانيت من صعوبة القراءة، ولا زلت أعاني. القراءة سهلة؟ نعم. والقراءة صعبة؟ نعم. كيف؟!
جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما أراد الله أن يخرج به الناس من الظلمات إلى النور، وكان قد حبب إليه التعبد في غارحراء، تمهيدا للتكليف الإلهي له بالوحي والرسالة والبلاغ المبين.
فقال له جبريل: (اقرأ ) فقال: (ما أنا بقارئ!) يعني لا أجيد القراءة، لأني لم أتعلمها. فقال له: (اقرأ) فقال: (ما أنا بقارئ!) ... فغطه جبريل حتى بلغ منه الجهد... ثم قال له: ((اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم)) .
فقرأها صلى الله عليه وسلم... والقصة في الصحيحين، وهي في أول صحيح البخاري في باب بدء الوحي، وفي تفسير سورة العلق.
ثم لما لم يكن صلى الله عليه وسلم يكتب، وقد علم أنه مكلف من الله القيام بالدعوة والبلاغ المبين بهذا القرآن، أحس بثقل المسؤولية، وحاول الاجتهاد في حفظ ما كان يقرأ عن طريق جبريل.
فكان يحرك لسانه في عجلة لحفظ كتاب الله، فخفف الله عنه، ووعده بحفظه بدون أن يتعب نفسه ذلك الإتعاب المعتاد لمن أراد الحفظ: ((لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآن))
هذا يدل على أن القراءة النافعة، تحتاج إلى جهد وصبر، والذي لا يجتهد ولا يصبر، لا يصل غالبا إلى هدفه من القراءة.
وأعود فأقول: إن القراءة العادية –أي قراءة الحروف والجمل والمصطلحات بدون تأمل ولا تعقل-سهلة، ولا صعوبة فيها.
وهذه ممكنة في التصفح العام، لمعرفة العناوين، أو موضوعات الأبواب والفصول ونحو ذلك، والقراءة السريعة لبعض الموضوعات للاطلاع العام على أفكارها وفقراتها....
والقراءة صعبة في أحوال كثيرة:
منها قراءة الحفظ، كحفظ القرآن الكريم، وحفظ متون العلم، لمن يريد أن يكون طالب علم، يستحضر قواعد العلم الذي يدرسه، كعلم النحو والصرف، والبلاغة، وأصول الفقه، والفرائض، ونحو ذلك من العلوم التي تضيع إذا لم يحفظ الطالب قواعدها الأساسية، ويتمرس عليها حتى يصبح فهمها وتطبيقها عنده مَلَكَةً. وسلوا عن هذا حفظة القرآن الكريم، وبخاصة أئمة المساجد، وسلوا كبار علماء الإسلام، الذين تضلعوا في العلوم الإسلامية.
ومنها قراءة الفهم والفقه-أي فقه معاني ما يقرأ-بحيث لا يمر القارئ بجملة أو فقرة دون أن يكون قد فهمها وفقه معناها، وهذه القراءة يحتاج إليها كل قارئ لكل علم من العلوم، سواء كانت شرعية أو لغوية، أو كونية، طبية، أو فلكية، أو جغرافية، أو رياضية...
ولا بد للقارئ هنا من توقف أمام بعض الجمل أو المصطلحات، توقفا يناسب سرعة الفهم أو بطأه، وقد يحتاج إلى تكرار القراءة حتى يفهمه فهما صحيحا، وقد يحتاج إلى وضع علامات تحت أو فوق بعض الجمل، وقد لا يتمكن القارئ من فهم المعنى –أحيانا- بنفسه، فيضطر إلى الاستفادة من أستاذه المتخصص في العلم.
وإذا تساهل القارئ في الفهم الصحيح لما يقرأ من هذا النوع، فقد يترتب على فهمه من السلبيات ومن الأخطار ما يندم عليه، كأن يفهم النفي مما يجب أن يفهم منه الإثبات أو العكس، وليتصور أنه فهم الإثبات في المنفي، أو النفي في المثبت في موضوع يتعلق بدواء مريض، ماذا سيحدث من جراء هذا الفهم؟ وهكذا في الأحكام الشرعية ....
وإن فهم جملة واحدة فهما صحيحا، قد يكون سببا لفهم باب كامل أو فصل أو موضوع، وعدم فهم جملة واجدة، قد يترتب عليه عكس ذلك.
ولهذا شرع الله تعالى لقارئ القرآن- مع ما في قراءته من حيث هي من الثواب العظيم- أن يتدبره ويفقه معناه، ليعمل به، وأنكر على من لم يتدبره، فقال تعالى: ((كتاب أنزلناه مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب)).ص:29.وقال تعالى: ((أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)).النساء 82. وقال تعالى: ((أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)). محمد: 24.
وإن الذي يطلع اليوم على كثير من طلاب المدارس والجامعات، الذين لا يقرءون دروسهم قراءة متأنية، تجعلهم يفهمون تلك الدروس فهما متقنا، تبقى به معلوماتهم ثابتة، وإنما يقرءون قراءة الزاهدين في نفيس الوقت وجواهر العلم النافع، قراءة عابري سبيل، قصدهم من قراءتهم تقيأ ما علق بأذهانهم في أوراق الامتحان، للحصول على ورقة تسهل لهم العمل الوظيفي فحسب، إن الذي يطلع على من هذه حالهم، ليقتله الحزن على ضياع أجيال تكون نتائج قراءتهم هي تلك القراءة الخاسرة، التي يتخرجون بها أميين في ثقافتهم وفي معرفة مصالحهم ومصالح أمتهم في الدنيا والآخرة.
وإني لأعرف طلابا تخرجوا من كليات متخصصة، في علوم الشريعة، أو اللغة العربية، لا يجيد بعضهم قراءة كتاب الله، وإذا تكلم نصب الفاعل، ورفع المفعول، لأنه عندما قرأ قاعدة رفع الفاعل ونصب المفعول، لم يفهم حقيقة تلك القاعدة، وإن أجاب أستاذه يوم الامتحان إجابة نظرية صحيحة!
وأرى في كثير من مواقع الشبكة العالمية (الإنترنت) إقبالا شديدا على الموضوعات ذات الإثارة في عناوينها، وتفاعلا مع كتابها، موافقة أو مخالفة، وكثير من تلك الموضوعات غير ذات بال، وبجانبها موضوعات أخرى جادة ذات أهمية لحياة القارئ في دينه ودنياه، قليلة الإقبال من قراء المنتديات قراءة أو ردا، لأن هذه الموضوعات تحتاج إلى قراءة متأنية، وصبر على تفهمها وتعقلها، للخروج منها بفائدة، والموضوعات الأخرى، لا تحتاج إلى جهد.
وفي وجود هذه الشبكة فرصة ثمينة لكل قارئ وكاتب، ليكون معلما لغيره ومتعلما من غيره، فهي جامعة عالمية، تربط بينك وبين غيرك من البشر في كل مكان في الأرض، وهم لا يدرون أين أنت؟ وأنت لا تدري أين هم؟
وكم كان الناس يتمنون أن يجدوا بعض الموضوعات ليستفيدوا منها، فلا يتمكنون من الحصول عليها، وهي اليوم في متناول اليد كتبها متخصصون، وهي جديدة طرية، تصل إليك بعد فراغ صاحبها من إرسالها بدقائق، تجدها بالبحث السريع عنها، وتستطيع قراءتها وطبعها، وحفظها، ألا تستحق أن تكون قراءتنا لها قراءة فهم ووعي؟
ولا مانع من قراءة التسلية المباحة، من مزاح لا كذب فيه، أو نكات مضحكة، أو ألغاز تشحذ العقول وتدعوها إلى التفكير، ولكن لا ينبغي أن تكون الأولوية وصرف الأوقات، لذلك، بل ينبغي أن تكون الأولية لما يكون الشخصية تكوينا إيمانيا وعباديا وأخلاقيا، وثقافيا، وعلميا، وما عدا ذلك يكون تابعا.
والخلاصة: أن القارئ ينبغي أن يختار ما يقرأ، ويعرف ما هو أولى من غيره، وأن تكون قراءته سريعة، فيما لا يحتاج إلى حفظ أو فهم عميق، وأن يهتم بالقراءة المتأنية فيما يحتاج إلى الحفظ أو الفهم العميق، مع الصبر على ذلك، فلا قراءة نافعة بغير صبر.
فليحرص كل منا على معرفة كيف يقرأ؟ لتكون قراءتنا نافعة مفيدة.
كتبه
د . عبد الله قادري الأهدل
[فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات]
اساليب لتنمية مهارات القراءة
هناك أساليب كثيرة لتنمية مهارات القراءة ( المطالعة ) ومن أهم هذه الأساليب :
1- تدريب الطلاب على القراءة المعبرة والممثلة للمعني ، حيث حركات اليد وتعبيرات الوجه والعينين ، وهنا تبرز أهمية
القراءة النموذجية من فبل المعلم في جميع المراحل ليحاكيها الطلاب .
2- الاهتمام بالقراءة الصامتة ، فالطالب لا يجيد الأداء الحسن إلا إذ فهم النص حق الفهم ، ولذلك وجب أن يبدأ الطالب بتفهم
المعنى الإجمالي للنص عن طريق القراءة الصامتة ، ومناقشة المعلم للطلاب قبل القراءة الجهرية.
3- تدريب الطلاب على القراءة السليمة ، من حيث مراعاة الشكل الصحيح للكلمات ولا سيما أو أخرها .
4- معالجة الكلمات الجديدة بأكثر من طريقة مثل : استخدامها في جملة مفيدة ، ذكر المرادف ، ذكر المضاد ، طريقة التمثيل ،
طريقة الرسم ، وهذه الطرائق كلها ينبغي أن يقوم بها الطالب لا المعلم فقط يسأل ويناقش ، وهناك طريقة أخري لعلاج
الكلمات الجديدة وهي طريقة الوسائل المحسوسة مثل معنى كلمة معجم وكلمة خوذة ، وهذه الطريقة يقوم بها المعلم نفسه !! .
5- تدريب الطلاب على الشجاعة في مواقف القراءة ومزاولتها أمام الآخرين بصوت واضح ، وأداء مؤثر دون تلجلج أو
تلعثم أو تهيب وخجل ، ولذلك نؤكد على أهمية خروج الطالب ليقرأ النص أمام زملائه ، وأيضاً تدريب الطالب على الوقفة
الصحيحة ومسك الكتاب بطريقة صحيحة وعدم السماح مطلقاً لأن يقرأ الطالب قراءة جهرية وهو جالس.
6- تدريب الطالب على القراءة بسرعة مناسبة ، وبصوت مناسب ومن الملاحظ أن بعض المعلمين في المرحلة الابتدائية
يطلبون من طلابهم رفع أصواتهم بالقراءة إلى حد الإزعاج مما يؤثر على صحتهم ولا سيما حناجرهم.
7- تدريب الطلاب على الفهم وتنظيم الأفكار في أثناء القراءة .
8- تدريب الطلاب على القراءة جملة جملة ، لا كلمة كلمة ، وتدريبهم كذلك على ما يحسن الوقوف عليه .
9- تدريب الطلاب على التذوق الجمالي للنص ، والإحساس الفني والانفعال الوجداني بالتعبيرات والمعاني الرائعة.
10- تمكين الطالب من القدرة على التركيز وجودة التلخيص للموضوع الذى يقرؤه .
11- تشجيع الطلاب المتميزين في القراءة بمختلف الأساليب كالتشجيع المعنوي ، وخروجهم للقراءة والإلقاء في الإذاعة
المدرسية وغيرها من أساليب التشجيع .
12- غرس حب القراءة في نفوس الطلاب ، وتنمية الميل القرائي لدى الطلاب وتشجيع على القراءة الحرة الخارجة عن
حدود المقرر الدراسي ووضع المسابقات والحوافز لتنمية هذا الميل .
13- تدريب الطلاب على استخدام المعاجم والكشف فيها وحبذا لو كان هذا التدريب في المكتبة .
14- تدريب الطلاب علي ترجمة علامات الترقيم إلى ما ترمز إليه من مشاعر وأحاسيس ، ليس في الصوت فقط بل حتى في
تعبيرات الوجه .
15- ينبغي ألا ينتهي الدرس حتى يجعل منه المعلم امتداداً للقراءة المنزلية أو المكتبية .
16- علاج الطلاب الضعاف وعلاجهم يكون بالتركيز مع المعلم في أثناء القراءة النموذجية ، والصبر عليهم وأخذهم باللين
والرفق ، وتشجيعهم من تقدم منهم ، وأما أخطأ الطلاب فيمكن إصلاحها بالطرق التالية :
- تمضي القراءة الجهرية الأولى دون إصلاح الأخطاء إلا ما يترتب عليه فساد المعنى
- بعد أن ينتهي الطالب من قراءة الجملة التي وقع الخطأ في إحدى كلماتها نطلب إعادتها مع تنبيهه على موضوع الخطأ
ليتداركه .
- يمكن أن نستعين ببعض الطلاب لإصلاح الخطأ لزملائهم القارئين .
- قد يخطئ الطالب خطأ نحوياً أو صرفياً في نطق الكلمة فعلى المعلم أن يشير إلى القاعدة إشارة عابرة عن طريق المناقشة .
- قد يخطئ الطالب في لفظ كلمة بسبب جهله في معناها وعلاج ذلك أن يناقشه المعلم حتى يعرف خطأه مع اشتراك جميع الطلاب فيما اخطأ فيه زميلهم .
- يرى التربويين أنه إذا كان خطأ الطالب صغيراً لا قيمة له وخصوصاً إذا كان الطالب من الجيدين ونادراً ما يخطئ فلا بأس من تجاهل الخطأ وعدم مقاطعته .
القراءة
القراءة نشاط، تتصل العين فيه بصفحة مطبوعة، تشتمل على رموز لغوية معينة يستهدف الكاتب منها توصيل رسالة إلى القارئ، وعلى القارئ أن يفك هذه الرموز، ويحيل الرسالة من شكل مطبوع إلى خطاب خاص له. ولا يقف الأمر عند فك الرموز وفهم دلالاتها، وإنما يتعدى هذا إلى محاولة إدراك ما وراء هذه الرموز، والقراءة بذلك عملية عقلية يستخدم الإنسان فيها عقله وخبراته السابقة في فهم وإدراك مغزى الرسالة التي تنتقل إليه.
ولعل التعريف الإجرائي الذي قدمته الرابطة القومية لدراسة التربية NSSE في أمريكا يوضح طبيعة عملية القراءة. يقول التعريف : >إن القراءة ليست مهارة آلية بسيطة، كما أنها ليست أداة مدرسية ضعيفة. إنها أساساً عملية ذهنية تأملية، وينبغي أن تبنى كتنظيم مركب يتكون من أنماط ذات عمليات عليا، إنها نشاط ينبغي أن يحتوي على كل أنماط التفكير والتقويم، والحكم، والتحليل والتعليل، وحل المشكلات<(46).
ويعتبر جودمان K. S. Goodman أن القراءة بوصفها عملية استقبال تنطوي على أربع مراحـل أو عمليات هي : اختيار عينات المادة المقروءة، ويسميها جودمان Sampling، والتثبت من الرموز المقروءة ويسميها Confirming، والتنبؤ بما يريده الكاتب، ويسميها جودمان Predicting، وأخيراً اختبار الفروض التي طرحها القارئ ويسميها جودمان Testing وفي تصور جودمان تختص العمليتان الأوليان (اختيار العينة والتثبت) بالجانب الفسيولوجي في القراءة. أي اتصال العين بالرموز المطبوعة، ومحاولة فكها، إذ هي التي تعطي إشارة للمخ كي يفسر هذه الرموز، بينما تختص العمليتان الأخريان (التنبؤ والاختبار) بالجانب الفعلي. والعمليتان الأخريان يصفهما سميث Smith بأنهما "معلومات غير بصرية" Non-visual information(47).
والقارئ حين يتصل بمادة مطبوعة، فإنما يفعل ذلك لهدف، وقد يكون هدفاً عقلياً، يتمثل في الرغبة في الحصول على المعرفة لتوسيع أفقه، وقد يكون هدفاً عملياً، يتمثل في الرغبة في أداء شيء ما، وقد يكون وجدانياً يتمثل في الرغبة في إشباع الحاجات الوجدانية عند الفرد. هذه الأهداف الثلاثة هي ما يحددها هوايت تفسيراً للغرض العام من القراءة، وهو الحصول على المعلومات والمعارف. ويطلق هوايت على هذه الأهداف الثلاثة : الهدف العقلي Intellectual أو المعرفي Cognitive، الهدف الواقعي Factual أو المرجعي Referential والهدف الوجداني Affective أو الانفعالي Emotional، ويرى أن باقي أهداف تعليم القراءة يمكن أن تندرج تحت هذه الأهداف الثلاثة(48).
وسواء وافق الخبراء على هذا الرأي المجمل، أم فصلوا القول فيه فإن ما يلفت هوايت نظرنا إليه هو أن القارئ لا يقرأ إلا لهدف، حتى ولو كان الهدف للمتعة الشخصية، فالقارئ فرد يعبر سلوكه عن رغبات ومقاصد معينة، وحاجات يريد إشباعها وليس الأمر مجرد استرجاع رموز ذات دلالات مشتركة عند جميع القراء.
عملية القراءة إذن عملية فردية تخص القارئ وحده، وتنقل إليه معلومات معينة، ودلالات خاصة قد لا يشاركه فيها غيره، فقد نقرأ جميعاً نصاً معيناً، لكن ليس من اللازم أن نخرج بنفس المعنى وهذا ما يميز فيه الخبراء بين قراءة النص المطبوع Text، وبين قراءة الخطاب Discourse(49).
وهنا تقف عملية تعليم القراءة أمام مدخلين، الأول أن يقتصر الأمر على مساعدة الدارس على فك الرموز وفهمها. وفي هذا المدخل يعطى الدارس نصاً تتبعه أسئلة، تقيس مدى فهمه للنص، أياً كان شكل هذه الأسئلة، ولا يهتم هذا المدخل بما وراء النص كثيراً.
وهذا المدخل هو ما يسميه هوايت أيضاً بالمدخل التعليمي Pedagogical Approach، في مقابل المدخل الثاني وهو المدخل الاتصالي Communicative Approach وفيه يتأكد المعلم أولاً من أهداف الدارس من القراءة أو على الأقل يستثير فيه أن الفرد يريد القراءة ليشبع حاجة وليسد فراغاً يسمى في علوم الاتصال بفجوة المعلومات Information Gap.
وتعليم القراءة في المدخل الاتصالي يهتم في الدرجة الأولى بتحديد الهدف من القراءة، ليس هذا فقط، بل التفكير في أشكال الأداء الأخرى التي يرجى من الدارس أن يقوم بها سواء أكانت تحديد مكان على خريطة أو اتخاذ قرار، أو قراءة شيء آخر أو إجراء حوار أو غير ذلك من أداءات، هذه العملية هي ما يطلق عليه تحويل الرموز وهي عملية تربط بين اللغة المطبوعة وبين أشكال الاتصال الأخرى.
يضاف إلى ذلك مساعدة الدارس على الإدراك المتعمق لما ورد بالرسالة المقروءة، إن من الأمور الهامة في تدريس القراءة في المدخل الاتصالي تدريب الدارس على استخدام القرائن المختلفة في سبيل استيعاب النص المقروء. ومن هذه القرائن شكل الرموز نفسها، ومعناها القاموسي ودلالاتها الثقافية، فضلاً عن طريقة بناء الجمل والتراكيب، كل هذه إشارات أو قرائن تساعد في فهم الرسالة، ويطالب الدارس بأن يكتسبها حتى يستقل بنفسه بعد ذلك في تحصيل المعرفة. هذا فضلاً عن تنمية قدرة الدارس على التنبؤ بما سوف يقوله الكاتب. إن القراءة عملية عقلية تشتمل على مجموعة افتراضات ينبغي أن يختبرها الدارس وأن يدرب على ذلك.
دعم القراءة:
إن تعزيز منهج القراءة يهدف الى تنمية ناحيتين لدى الطلاب احداهما: تدعيم الرغبة في القراءة بشكل عام, والأخرى توظيف القراءة في الحصول على المعلومات.
بالنسبة للناحية الأولى, تدعيم الرغبة في القراءة بشكل عام, هناك برامج تعاونية بين أمناء المكتبات والمعلمين يعملون فيها على تقديم مغريات مختلفة للطلاب تدفع بهم الى ارتياد المكتبة والقراءة. من ذلك أن يتفق المعلم مع أمين المكتبة على تحديد وقت معين يقوم فيه أمين المكتبة بزيارة الفصل الدراسي واحضار مجموعة من الكتب يعرضها للطلاب ويتحدث عنها وتكون عادة قريبة الصلة باهتمامات الطلاب, كأن تتحدث عن هوايات معينة, أو تتعلق بالمواضيع الدراسية التي يتعلم عنها الطلاب في الفصل. وقد يلجأ أحيانا أمين المكتبة الى قراءة قصة من المجموعة التي أحضرها معه، أو تقديم بعض المعلومات الجديدة واشراك الطلاب معه في متابعتها من الكتب.كذلك قد يحضر أمين المكتبة معه الى الفصل بعض الكتب المناسبة للطلاب البطيء القراءة أو الذين يكرهونها, وهي عادة تكون تلك الكتب المكتوبة باسلوب بسيط وحروف كبيرة وفيها كثير من الصور والتوضيحات الجذابة, فمثل هذه الكتب تجذب هؤلاء الطلاب أكثر من غيرها.
أحيانا يمتد التعاون بين أمين المكتبة والمعلم ليشمل التعاون على معالجة بعض المشكلات السلوكية لدى بعض الطلاب من خلال التوجيه القرائي, فقد يلاحظ المعلم أن من بين طلبته من يميل الى المشاغبة أو من يعاني من الخجل الشديد أو الانطواء, فيستعين بأمين المكتبة ليختار الكتب التي يمكن من خلال قراءتها أن يجد الطالب فيها تشابها مع حالته مما يمده بالرضا ويبعث الثقة والراحة في نفسه(29)
ومن السبل المتبعة لمزيد من الجذب للطلاب الى المكتبة تخصيص فترة معينة لقراءة القصة في المكتبة, وهذه الفترة ليست خاصة فقط بالطلاب الصغار الذين لم يجيدوا القراءة بعد, وانما هي تمتد عبر السنوات الدراسية الست الأولى, فالاصغاء الى راوي القصة يمتع الطلاب ويثير فيهم الرغبة في الاطلاع بأنفسهم على تلك القصة التي اصغوا اليها(30). وأحيانا يحدث أن تدمج القراءة للقصة مع الاصغاء للراوي مع مشاهدة الرسوم والتوضيحات مع الحديث حولها, مما يساهم جميعه في اثارة المزيد من الاهتمام بتلك القصة وخلق المزيد من الفضول للاطلاع عليها مرات أكثر فيما بعد. وقد لوحظ أن الأطفال عندما يستمتعون بقصة من تلك القصص عن طريق الاصغاء والمتابعة بالقراءة, يقومون عادة بتوصية أصدقائهم بقراءتها(31), وبطبيعة الحال فان التوصية عندما تأتي من الطفل نفسه لصديقه يكون لها وقع أكبر منها عندما تأتي من المعلم أو الوالدين.
إضافة الى ذلك فان هناك سبلا أخرى تتبع لحث الطلاب على القراءة مثل الاستفادة من الوسائل السمعية والبصرية, كالاصغاء الى الأشرطة الصوتية ومشاهدة الأفلام والصور التي توضح بعض الأمور ذات العلاقة بالكتب أو القصص المقروءة, أو اضافة بعض الألعاب التعليمية مثل الأحاجي التي تمثل أنشطة تعليمية تدفع بالطلاب الى التعرف على القصص والكتب ودواوين الشعر, كذلك الاستفادة من اشراك تلاميذ الفصل جميعهم في تمثيل بعض النصوص أو الفصول أو المقاطع المختارة(32).
بالنسبة للناحية الثانية وهي دعم القراءة من أجل الحصول على المعلومات، فانه من المسلم به أن القدرة على قراءة الكتب والمراجع المختلفة، واستخدام المصادر التعليمية الأخرى المرتبطة بالمنهج من أجل توصيل المعلومات وتطوير المهارات, هي قدرة تنمو عند الطالب تدريجيا عن طريق التعلم والمران،ومن هنا يركز المعلمون في الفصول الدراسية على تدريب طلبتهم على تطبيق المهارات القرائية أثناء زيارتهم للمكتبة وذلك لتحقيق الفائدة المرجوة من القراءة.
وفي الفصول التي تمت زيارتها لوحظ أن المعلمين يبدأون بتوجيه الطلاب الى الخطوات التي يجب عليهم عملها في المكتبة مثل تشجيع الطلاب على تحديد وفهم الآراء المتعارضة أو المختلفة.كذلك هم لايغفلون لفت أنظار طلابهم الى ضرورة الاهتمام بالبحث عن الحقائق والابتعاد عن التعميمات أو الاكتفاء برأي شخص واحد فقط. ثم يقومون عمليا بتدريب الطلاب على كيفية تدوين الملاحظات من المصادر التعليمية في المكتبة.
وحول ذلك يذكر المعلمون (33) أن الطلاب في المراحل الابتدائية الأولية كطلبة الصف الرابع الابتدائي مثلا يضطرون الى نسخ المعلومات حرفيا من الموسوعات لأنهم لايفهمونها, لذلك فان المعلمين يؤكدون أهمية توجيه الطلبة الى تكرار القراءة عدة مرات ومناقشة ما يقرأون مع الزملاء، قبل تدوين الأفكار الرئيسية وكتابة الملخص لما حصلوا عليه من معلومات
المراجع
أولاً: المراجع العربية
01 إبراهيم، عبدالعليم 0 الموجه الفني لمدرسي اللغة العربية، القاهرة : دار المعارف، 1984 0
02 إبراهيم، عبد اللطيف فؤاد0المناهج، القاهرة : مكتبة مصر، 01984
03 ابن الأزرق 0 بدائع السلك في طبائع الملك 0 تحقيق د0 علي سامي النشار، منشورات وزارة الثقافة العراقية، 1978 0
04 بوند، جاي ؛ و أ 0 مايلز 0 الضعف في القراءة – تشخيصه وعلاجه0 ترجمة د0 محمد منير مرسي، وإسماعيل أبو العزايم، القاهرة: عالم الكتب، 1983 0
05 خاطر، محمود رشدي وآخرون0 طرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية، القاهرة : 1982 0
06 عبد المجيد، عبدالعزيز0 اللغة العربية – أصولها النفسية وطرق تدريسها (ط3) القاهرة : دار المعارف، 1986 0
07 عبده، داود0 نحو تعليم اللغة العربية وظيفياً0 الكويت : مؤسسة دار العلوم، 1979 0
08 فرحان، إسحق أحمد؛ وأحمد بلقيس ؛ وتوفيق مرعي 0 المنهاج التربوي بين الأصالة والمعاصرة 0 عمان : دار الفرقان، 1984 0
09 الفريق الوطني لمبحث اللغة العربية 0 منهاج اللغة العربية وخطوطه العريضة في مرحلة التعليم الأساسي0 منشورات وزارة التربية والتعليم الأردنية ،1991 0
010 الفريق الوطني لمبحث اللغة العربية0 منهاج اللغة العربية وخطوطه العريضة في مرحلة التعليم الثانوي 0 منشورات وزارة التربية والتعليم الأردنية، 1994 0
011 مرعي ،توفيق؛ ومحمود الحيلة0 تفريد التعليم (ط2)0 عمان:دار الفكر، 2002 0
012 مجموعة كتب اللغة العربية للمرحلة الأساسية في الأردن0
013 مجموعة كتب اللغة العربية للمرحلة الثانوية في الأردن
Tidak ada komentar:
Posting Komentar