View My Stats

Sabtu, 18 Desember 2010

الدرس التاسع المال الحلال (قصة من الواقع)- muthala'ah III-

الدرس التاسع
المال الحلال
(قصة من الواقع)


أ- النص
نشأ فى بيت مضمخ بالتقوى, فكان من صغره حمامة من حمائم المسجد, يسعى للصلاة فيه, ويحاسب نفسه على تخلفه عن صلاة الجماعة. ويحرص أن يكون فى أوقات الصلاة متفرغا لها, لا يشغله شاغل عنها ومنذ كان فى السابعة من عمره حتى يومه هذا, لم تفته صلاة الواحدة فى حله ونرحاله.فإذا سمع صوت المؤذن للصلاة بادر إلى أداء الفريضة المكتوبة فرحا مستبشرا كأنه مقبل على موعد سعيد. فإذا لم تسمح له ظروفه الحياتية أن يؤدى الصلاة بعد سماع الأذان للصلاة مباشرة ظل يتململ قلقا حزينا كأنه يحمل جبلا على صدره, ولا يرتاح إلا إذا أدى صلاته باطمأنان وسكينة فأذا قضيت لصلاة عادت الابتسامة إلى وجهه وأشرق وجهه بالنور, وحمد الله كثيرا, وشكره على فضله وإحسانه عليه فى ذكره وشكرهو حسن عبادته.
تدرج فى المدرسة الإبتدائية والمطوستة والثانوية, فلما أنها هذه الدراسة انتسب إلى كلية التربية فتخرج منها مدرسا فى إعدادية الموصل للبنين. فكان يلقن طلابه فيها العلم والدين فى أن واحد ويرعى الطلاب المتدينين رعاية خاصة.


و لم يكن فى حياته مسرفا ولامقترا, بل كان يبتغى بين ذلك سبيلا, فكان يقتصد من راتبه الشهرى, و يودع ما اقتصده فى مصرف فى حقل الحساب الجارى, بلا ربح ولا فائدة ولكن الحماية ماله من السرقة او الضياع.
ونقلت وظيفته الرسمية إلى مدينة بغداد فنقل حسابه الجارى إلى أحد مصارف العاصمة وأصبح حسابه يتزايد مع الأيام.

و كان يقضى أيام الدراسة فى بغداد ويقضى ايام العطلة الصيفية كل عام بين أهله فى مدينة الموصل الحدباء.
و فى يوم من أيام العطلة الصيفية من سنة 1406 هــ قرر أن يشترى له دارا صغيرة فى مدينة الموصل. فاتفق مع مالك تلك الدار على ثمنها, ودفع له جزءا من ثمنها ضمانا لصاحب الدار و له, ودليلا على الاتفاق على البيع والشراء بدون تردد ولا نكول.

و سافر من الموصل إلى بغداد ليسحب من المصرف ما اقتصده فيه من مال خلال عشرين سنة من سني حياته فى الوظيفة التعليمية بالإضافة إلى ما ورثه عن أبيه من مال, فأصبح يملك مبلغا من المال, صغيرا فى مقداره كبيرا فى قدره, لأنه مال خلال لا شائبة فيه من مال حرام وللحلال قدره عند الله والناس.
و قصد المصرف الذي فيه حسابه الجارى, و سحب جميع رصيده و وضع نقوده فى حقيبته اليدوية التى تضم هويته الشخصية و أوراقه الخاصة به ثم يمم شطر باب المصرف ليغادره إلى الفندق الذى بأوى إليه.

و لم يكن يدرى أن أحد اللصوص كان يراقبه عن كثب, وينوى الاعتداء على ماله الذي تسلمه من المصرف. فلما وصل صاحبنا باب المصرف و انطلق إلى الشارع , هاجمه اللص الذى كان يترصد خطواته, و بادر إلى اختطاف حقيبته بما فيها من مال و وثائق, ثم امتطى درجة بخارية كانت قريبة منه بانتظاره. و كان شريك اللص سائق تلك الدراجة البخارية قد أعدها سلفا للانطلاق فورا. فانطلقت الدراجة البخارية سريعا اللص الخاطف و بصاحبه سائقها. تجرى فى شارع الرشيد المزدحم بالسيارات ومختلف وسائط النقل الأخرى. وجرت الدراجة بسرعة خاطفة حتى غابت عن الأنظار خلال لحظات معدودات.

و أصيب صاحب الحقيبة المخطوفة بعد خطف حقيبته بدون توقع خطفها بمباغتة مفاجئة كاملة شلت تفكيره لبضع ثوان. فلما عاد إليه رشده ستنجد بمن حوله من الشرطة والناس. ولكن اللص الذي اختطفالحقيبة كان قد التفى عن الأنظار وفات الوقت المناسب للحاق به و المقبض عليه.
لم يكن لدى صاحبنا شهود على نهب حقيبته, و لم يكن قد عرف الذي نهب الحقيبة شكل أو سمة, لأن عملية كلها جرت بسرعة خاطفة وبدون توقع. فلم ينتبه هو ولا غيره إلى شكل الخاطف أو سمته على الأقل. فلما قصد الشرطة مخبرا بالحادث سجلت دعواه ضدسخص مجهول الهوية. فكان الأمل فى العثور على اللص الخاطفة والحقيبة المخطوفة ضعيفا جدا.

و أوى الرجل إلى فندقه و قد خسر ما ادخره و ورثه فى سنى حياته, و خسر الدار التي تعاقد على شرائها, و أصبح حائرا لا يدرى ما يصنع, ولا يدرى كيف يتصرف, ولم يبقى أمامه غير اللجوء إلى الله عز وجل يدعو ويتضرع, والصبر على ما أصابه من ضر.
اما اللص الخاطف و صاحبه و شريكه سائق الدراجة البخارية فمضيا على أجل حتى قطع شارع الرشيد ثم سلكا شارع أبي نواس إلى أخره و اتجاها إلى جسر المعلق. ثم سلكا الطريق السريع بالتجاه الدورة, و كان انطلاق الدرجة البخارية سريعا للغاية و كان السائق ماهرا جدا فى سياقته و فى خبرته بالطرق و مسالكها و قبل عبور الجسر إلى الدورة اصطدم بسيارة قادمة من الجهة المعاكسة و كان وراء الدراجة البخارية سيارة أخرى مسرعة أيضا, فلم يستطع سائقها السيطرة عليها لنحاشى الاصطدام بالدراجة البخارية المدهوسة ومن إليها. فدهسا الدراجة البخارية و دهس الخاطف و صاحبه معاها, و كان قد دهس أول مرة بالسيارة الأولى, و بذلك دهس مرتين خلال ثانتين أو أقل. ففارق الحياة و أصبحا كهشيم مسحوق.

يرجل صاحبا السيارتين و ترجل أصحاب السيارات العابرة و تجمع الناس حول الجثتين و حضرت الشرطة و عثروا على الحقيبة السوداء.
و حملت الشرطة القتيلين إلى المستشفى وأجرت التحقيقات مع سائقى السيارتين اللتين دهستا القتيلين و أودعوا الحقيبة فى مكان أمين من أمكنة مقر الشرطة بعد ما جرد ما فيها من نقود و وثائق.

و كان فى الحقيبة المال كاملا, و كان فيها أوراق و هوية صاحبها الأصلى التي نهبت منه فظن محققو الشرطة أن الهوية تعود للقتيل فاستدلوا بها على شخصيته, إذا لم يكونوا على علم بان الحقيبة منهوبة. و ان الذي وجدت عنده هو ناهبها لا صاحبها و قد كان وجهه مشوها بشدة. لأنه كان مسحوقا سحقا كاملا, فلم تستطع الشرطة مقارنة تصوير الهوية بوجه الشخص المدهوس لأن ذلك الأمر كان مستهيلا.

و أرسلت الشرطة الحقيبة برفقة الشخص المدهوس إلى الموصل على عنوان صاحب الشخص المدهوس لأنه لم يكن يحمل هوية شخصية فى حينه تدل عليه, ولعله كان قد تخلى عنها فى مكان ما قبل أن يقدم على فعلته حتى لا تنم عليه.
وصعق أهل المعلم الذي قصد بغداد لسحب رصيده من المصرف لموته فقد تسلم أهله جثته عظاما مسحوقة ولحما مشوها فأجروا مراسيم الدفن و تقبلوا التعازى فى وفاته.

و بعد سبعة أيام من انقضاء أيام العزاء, عاد صاحبنا من بغداد إلى الموصل. و كان قد مكث فى فندقه ببغداد عشرة أيام يراجع الشرطة كل يوم فيقال له : (( لا جديد )).
و طرق باب دار أهله فهت الذي فتح الباب, حين رأى الذى حسبه قد مات منذ عشرة أيام قد عاد إلى الحياة من جديد, فنادى بأعلى صوته, كأنه فقد عقله : فلان عاد من القبر, فلان بعثه الله حيا.

و تجمع أهله من حوله فرحين, ولكن الدهشة عقدت ألسنتهم. فقال لهم صاحبنا : ما الخبرا ولما أخبروه بأن الشرطة جاؤوا بجثته و حقيبته وهويته الشخصية و أوراقه الخاصة فدفنوا الجثة.
و تقبلوا التعازي فيه, قال لهم : إنكم دفنتم جثمان رجل أخر هو الذى نهب حقيبتي بما فيها من نقود و أوراق, و هرب فسحقه الله وأعاد الأمانة إلى صاحبها.

و جاء الأهل بالحقيبة و بما فيها, و هويته الشخصية التى استدلت بها الشرطة على عنوانه, فحمد الله وشكره و قال : ((هذه بضاعتنا ردت إلينا )).
لقد كان الله سبحانه و تعالى للذى نهب الحقيبة والمال بالمرصد, فسحقه سحقا مرتين هو و صاحبه و دراجته البخارية, و أعاد المال إلى صاحبه بلا عناء و لا تشبث: (( إن ربك لبالمرصاد )). صدق الله العظيم.

و عاد المال الخلال إلى صاحبه, و لو كان مالا حراما لما عاد أبدا, لأن المال الخلال يبقى و يبقى صاحبه لأنه ليس صاحبه, و لا حق له ببقائه عنده فى شرع الله , و الله كفيل يرد الحقوق إلى أصحاب الحقوق و لو بعد حين.

و ويل للذين يقنتون المال الحرام و يحسبونه هينا. و هو عند الله عظيم.

Tidak ada komentar: