View My Stats

Sabtu, 01 Januari 2011

المدخل السمعي البصري لتعليم الكلام============ MPBA II

المدخل السمعي البصري لتعليم الكلام


مـــقــــــــــــــدمـــــــــــــــــــة :



الكلام




الكلام أيضاً نشاط أساسي من أنشطة الاتصال بين البشر، وهو الطرف الثاني من عملية الاتصال الشفوي، وإذا كان الاستماع وسيلة لتحقيق الفهم، فإن الكلام وسيلة للإفهام. والفهم والإفهام طرفا عملية الاتصال، ويتسع الحديث عن الكلام ليشمل نطق الأصوات والمفردات والحوار والتعبير الشفوي. ولقد سادت ميدان تعليم اللغات الأجنبية أفكار معينة تركت صداها في عملية تدريس الكلام، وكان كثير من هذه الأفكار خاطئاً وتسبب في تخبط جهود تدريس الكلام في كثير من البرامج. من هذه الأفكار أن تعليم الدارس كيف يطرح سؤالاً وكيف يجيب عليه مهارتان كفيلتان بتنمية قدرته على الكلام.
وهناك بلا شك فرق كبير بين تنمية القدرة على إجراء حوار وبين طرح الأسئلة والإجابة عليها. من هذه الأفكار أيضاً أن تنمية قدرة الدارس على الكلام يمكن أن تتحقق بأن يحفظ كثيراً من الحوارات، فنماذج الحوارات تشتمل على مختلف الصيغ والتراكيب التي يحتاج إليها الدارس مثل النفي والإثبات والتعجب والاستفهام، وغير ذلك من أساليب ترتفع بمستوى أداء الدارس، ومثل هذه الأفكار تستند إلى منطلق مؤداه أن الدقة في الأداء اللغوي شرط لحسن الكلام، وهو ما لا




فالكلام كنشاط اتصالي عبارة عن حوار يدور بين فردين يتبادلان الأدوار، فالفرد قد يكون متكلماً ثم يصير مستمعاً وهكذا، والمتكلم كما نعلم يستعين بتوصيل رسالته بألفاظ وجمل وتراكيب، فضلاً عن اللغة المصاحبة Paralinguistics التي تشتمل على الإيماءات والإشارات واللمحات وغيرها من حركات يستخدمها المتكلم لتوصيل رسالته.
ولاشك أن الحرص على توافر الدقة اللغوية فقط سوف يكون على حساب قيمة القدرة الاتصالية أي القدرة على أن يكون طرفاً حقيقياً في عملية الاتصال. إن التركيز في الطرق السابقة عند تدريس الكلام هو على بنية اللغة، وليس على مدى مناسبتها للسياق، بل إن بعض كتب تعليم اللغات تورد الحوار بين أشخاص لا أسماء لهم.. وإنما يكتب بدلاً عنها رموز مثل أ، ب... إلخ. وهذا يتنافى مع الاتصال الحقيقي الذي يختلف فيه الحوار باختلاف أطراف الحديث، إن مجرد نطق جمل وعبارات لا يعني أن مهارة الكلام قد أمكن تنميتها، فلقد يستطيع فرد أن يوصل رسالته مع ما فيها من أخطاء محدودة.



ويميز ويدوسون بين ثلاثة مصطلحات في مجال تعليم الكلام، هي :
الكلام ويقصد به القدرة على الاستخدام الصحيح للغة بينما يقصد بالتحدث القدرة على الاستعمال المناسب للغة في سياقها والتحدث هنا ــ بخلاف الكلام ــ يشمل اللغة اللفظية واللغة المصاحبة. وعندما يؤدي أحد أطراف عملية الاتصال دور المتكلم، فإن الجانب الإنتاجـي في الموقف يطلق عليه ويدوسون لفظ القول.
ولهذا بالطبع تطبيقات في خطوات تعليم الكلام، والسياق مهم جداً في بيان الأدوار طرفي عملية الكلام. إن تدريس الكلام في شكل حوارات صماء ومنفصلة عن محيطها الذي صدرت فيه من شأنه الفصل بين الشكل والمعنى في عملية الاتصال. وقديماً قيل : لكل مقام مقال، ولهذا المثل تطبيقاتـه الواضحة في تعليم مهارات الكلام في المدخل الاتصالي. ولعل هذا ترجمة صادقة، وسابقة، لمفهوم مدخل الوظائف والأفكار العامة وهو أساس المدخل الاتصالي.
وأخيراً... فلا ينبغي أن تطرح في المدخل الاتصالي، قضية مدى الحاجة إلى تعليم مهارات الكلام، بحجة أن من الصعب التنبؤ بأن الدارس سوف يواجه موقفاً يحتاج فيه للاتصال الشفوي مع الناطقين باللغة (العربية) فلئن صح هذا بالنسبة إلى دارس معين فلا يصح تعميمه بالنسبة لمجتمع الدارسين ككل، فسوف تحتاج طائفة منه إلى الكلام مع الناطقين باللغة في وقت ما.
ينبغي قبل عرض وجهات النظر المختلفة تحديد المقصود بمصطلحات ثلاثة أساسية في ميدان تعليم اللغات : الأول هو المدخل ــ والثاني هو الطريقة ــ والثالث هو الإجراءات.
ومن الممكن التمييز بين هذه المصطلحات كالتالي :
ــ المدخل : ويقصد به المنطلقات التي تستند إليها طريقة التدريس مثل تصورها لمفهوم اللغة وفلسفة تعليمها، والنظرة إلى الطبيعة الإنسانية، وشخصية المتعلمين.
ــ الطريقة : ويقصد بها مجموع الأساليب التي يتم بواسطتها تنظيم المجال الخارجي للمتعلم من أجل تحقيق أهداف تربوية معينة.
ــ الإجراءات : هي الأساليب التي تترجم الطريقة إلى أداءات، وتنفذ مبادئها سواء من حيث ما يقوم به المدرس في الفصل بالفعل، أو من حيث إعداد المواد التعليمية، أو إعداد الوسائل التعليمية، أو أدوات التقويم.

يناقش كريستال في دائرة معارف اللغة مفهوم المدخل الاتصالي، ويشرح جوانبه، وذلك عند الحديث عن الكفاية الاتصالية. وإن كان في قسم آخر من دائرة المعارف يذكر أنها طرق اتصالية، وليست مجرد مدخل ! ويفضل كريستال إطلاق مصطلح الطرق الاتصالية ليشمل عدداً من الطرق أهمها :
1. الطريقة الإيحائية.(Suggestopedia)
2. الطريقة الصامتة .(The silent way)
3. تعليم اللغة من خلال المجتمع.(Community language learning)
4. الممارسة الشفوية المرجأة. (Delayed oral practice )
5. الاستجابة الحركية الكلية.( Total physical response )
رأينا إذن أن من المفكرين من يعتبر تعليم اللغة اتصالياً هو مدخل اتصالي، وهناك من يعتبره مداخل اتصالية، وهناك من يعتبره طريقة اتصالية، بل هناك من يعتبره طرقاً اتصالية، وأخيراً هناك من يعتبره نظرية تواصلية.
والذي نميل إليه هو إطلاق مصطلح "المدخل الاتصالي" على هذا الأسلوب فهو لم يتبلور بعد في شكل طريقة محددة مثل طريقة النحو والترجمة، أو الطريقة المباشرة مثلاً. فضلاً عن أنه يشتمل على مبادئ عامة ومنطلقات توجه أسلوب العمل في أكثر من طريقة، كما ذكر كريستال.
وتعود مليكة فريفو فتنكر استخدام مصطلح "طريقة" في التربية الحديثة تقول : >في الحقيقة فإن تسمية (طريقة) بالنسبة للبيداغوجية الحديثة Pedagogy هي تسمية خاطئة، إذ يمكننا أن نتكلم عن (طريقة) إذا كان الأمر يتعلق بالبيداغوجية التقليدية، حيث كانت توجد طرق عديدة وصفها أصحابها. أما بالنسبة للبيداغوجية الحديثة فالأمور أصبحت تختلف تماماً، وهذا منذ ميلاد النظريات التي تشرح الاكتساب






التحــــــــــــــليــــــــــــــل :
تلاؤم السمع والبصر في تعلّم اللغات
في وقتنا الحاضر ينظر الباحثون في تدريس اللغة إلى الفهم الاستماعي، بوصفه معتمدًا اعتمادًا كاملاً على حاسة السمع، وأما المعلــومات البصرية فينظــر إليهـا كأداة مساعدة للمعلومات السمعية وليس جزءًا لا ينفصل عنها. إضافة لهذا، ترى نظرية إدراك الكلام أنه توجد نظريتان تتعلقان بالبصر وعلاقاته بالمعلومات السمعية: فإما أن يكون البصر بمثابة جهاز مساند يستخدم عندما تتدهور الإشارات السمعية بشكل ما، وإما أن يكون البصر جزءًا مركزيٌّا في إدراك الكلام تحت كل الظروف.

والقرآن عندما يحصي نعم الله على البشر فإنه يستعرض دومًا حاسة السمع وحاسة البصر وفقًا لهذا التلازم عندما يذكران معًا. علاوة على هذا فقد منح القرآن هاتين الحاستين أفضلية على ما عداهما من حواس. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هو الإعجاز في هذا التلازم بين السمع والبصر؟

ولماذا ميزهما القرآن على ما عداهما من حواس؟ ونبذل في بحثنا هذا محاولة لكشف الغطاء عن المقتضيات النظرية والعملية لتمثيل القرآن الكريم لحاستي السمع والبصر بالنسبة لاكتساب اللغة وتدريسها.









تطور السمع والبصر:
رغم أن الجهاز السمعي والجهاز البصري لدى الإنسان تنشأ بدايتهما في ذات الوقت وذلك في الأسبوع الثالث بعد حضانة الخلايا الأولى للجنين في بطان الرحم، إلا أن جهاز السمع يصبح فاعلاً وظيفيٌّا أثناء فترة الحمل. وتبدأ مُقلتا العين في التحرك فقط مع بداية الأسبوع الثاني عشر بينما تفتقد حركات العين إلى الإدراك، في حين أن الأذن قادرة على ممارسة وظيفتها السمعية طول أثناء المرحلة الحملية رغم امتلائها بالسوائل التي تجعلها صماء جزئيٌّا.

وهذا الصمم الجزئي يقوم في واقع الأمر بحماية الجنين من التعرض للإزعاج من الأصوات الخارجية غير أن هذه الحماية لا تشمل الأصوات العالية بجوار بطن الأم (Moore, 1983). ويوضح لنا هذا أن جهاز السمع يبدأ في القيام بوظيفته قبل الجهاز البصري، في مراحل مبكرة فضلاً عن جزئية هذه الوظيفة. حاسة السمع، من منظور تفاعل اجتماعي، هي أول ما يستخدمه الرضيع للتواصل مع العالم الخارجي خلال المرحلة الجنينية. ولهذا فإن هذه الحقيقة لا بد أن تعلي من شأن حاسة السمع وتمنحها مزايا واضحة على ما عداها من حواس.

يكون الطفل مهيئًا عند وقت الولادة بجهاز سمعي مكتمل نسبيٌّا وجهاز بصري أقل اكتمالاً. وهذا يعني أن حساسية شبكية العين تجاه مختلف أنواع الضوء ضعيفة. بينما الأذن قادرة على التجاوب مع الصوت فهي تحدد بداية مقدرة الطفل على تحديد اتجاه الصوت (As-Sayid, 1968: 108). إضافة لهذا فإن الأبحاث في علم النفس التجريبي تشير إلى أن (زمن الارتداد السمعي Auditory Time-Back) أقصر من (زمن الارتداد البصري Visual Time-Back) مما يعني أن السمع يلعب دورًا حاسمًا في المواقف الحرجة بينما البصر غالبًا ما يكون أقل أهمية من ناحية تسلسل الأهمية (Voss, 1972: 40).

وللحواس الإدراكية خاصية مهمة تكمن في المقدرة على التوقع والتبصر والسبق، غير أن حاسة السمع، مثلها مثل عدد من الحواس الأخرى، هي الأقل اعتمادًا على العالم المادي المباشر وذلك يعود لاستخدامها كثيرًا من الرموز المجردة والإشارات السيمية. إن الرموز التي تنحو لأن تكون أكثر تحررًا من الارتباط مع الموضوع الفيزيائي هي الرموز اللسانية وما وراء اللسانية وهي التي تلعب فيها حاسة السمع دورًا هامٌّا في تطور الملكات اللغوية عند البشر (As Sayid1968:206).

وتقع منطقة التفسير اللغوي داخل قشرة الدماغ بجوار منطقة السمع وهي الأكثر ارتباطًا بها من منطقة البصر، وهذا التقارب في المواقع يساعد منطقة التفسير اللغوي على النمو وعلى اكتمال وظائفها قبل زمن طويل من نظيرها البصري، وهذا ما يفسر السبب الذي يتيح للأطفال اكتساب اللغة المنطوقة وفهمها قبل فهمهم للأشياء المرئية (Guyton, 1981: 688). وهنا يتضح الإعجاز القرآني في تقديم السمع على البصر وبهذا التتابع.









السمع والبصر يكمل كل منهما الآخر في إدراك الكلام:

وأوضحت تجربة أخرى (أو بالأحرى سلسلة من التجارب) أجراها دود Dodd عام 1977م مرة ثانية باستحالة تجاهل المعلومات البصرية وأنها تتساوى مع المعلومات السمعية في عملية إدراك الكلام. فقد قدمت قوائم كلمات (حرف صامت ـ صائت ـ حرف صامت) إلى أفراد البحث في خمسة ظروف تجريبية مختلفة. وكان هناك نفس المستوى من الضجيج يغطي على الإشارة السمعية في كل الظروف. وأوضحت النتائج أن الأخطاء المرتكبة عند تقديم الكلمات في ظرف بصري فقط (دون وجود معلومات سمعية) لم تكن حقيقة مختلفة عن الأخطاء التي ارتكبت عندما تعرض الأفراد إلى الصوت فقط (مع إخفاء وجه المتحدث).
ولهذا تساوت المعلومات الناتجة من رؤية المتحدث ومن سماع إشارة سمعية ضعيفة. فعندما رأى أفراد البحث كلمة مختلفة من تلك التي يسمعونها، كان ناتج معلومات البصر أكبر من ناتج معلومات السمع. وفي ظرف آخر عندما منح الأفراد معلومات بصرية فقط تم إدراك الحروف الصامتة الأمامية بشكل أسهل من تلك الخلفية ونحا أفراد عينة البحث إلى استبدال الحروف الصامتة من نفس مكان النطق، وهنا يتضح إعجاز القرآن في تلازم السمع والبصر عند ذكرهما مجتمعين.











يمتزج السمع والبصر ليكونا أكثر القنوات أهمية وعطاء لاكتساب المعرفة بشكل عام واللغة بشكل خاص وهاتان القناتان المتلقيتان تمكنان الإنسان من معالجة المعرفة التي يتحصل عليها من بيئته وتستقر في عقله وتلعب حاستا السمع والبصر دورهما كركيزة نستطيع من خلالها بناء حضارة إنسانية ونظم تعليمية متوازنة وعادلة.
فإن أخفقنا في استخدامهما فقد يؤديان بنا إلى الفشل الكامل ـ بل أحيانًا إلى دمار مجتمعات بأكملها ـ فالسمع والبصر لا يمكـن الاســتغناء عنهمـا في التعلـم الهـادف، ويشــمل ذلك تعلـم اللغـات التي يكمن هدفها في تحقيق التواصل الفاعل والمجدي بين البشر ودونها لا يمكن لعمليـة التعلم لأي فـرع من فـروع المعرفة أن تتم على الوجه الأكمل ولهذا السبب تعجز عن تحقيق الاستقرار والتجانس للإنسانية في أي من الأشكال المنظورة.









يتضح من أعلاه أن المعلومات السمعية البصرية تلعب دورًا مهمٌّا في تفعيل التواصل مع العالم الخارجي، ففي حالة فقدان البصر يمثل الإدراك السمعي قناة الأعمى للتواصل مع الأفراد المتحدثين بكلام جماعته أو الناطقين بلغته وقد يمتد هذا التواصل مع الأشخاص المنتمين للأصول الثقافية واللسانية الأخرى، إن كان يعرف لغاتهم.








البصر جزء مركزي من عملية السمع يقوم الرضيع، منذ بلوغ الأسبوع الثامن عشر في المرحلة قبل الكلامية، بمحاكاة حركات الفم عند الكبار وذلك بربطه لحركات نطقية محددة للكبار مع أصوات كلامهم، ويزعم دود (Dodd, 1987) بأن الرضع يطورون إدراكهم الكلامي اعتمادًا على كل من المعلومات السمعية والبصرية.
فإن كان هذا صحيحًا فإننا نتوقع أن يواجه الأشخاص المولودون عميًا الذين يعجزون عن رؤية طريقة نطق الأصوات، مصاعبَ في كل من التمييز النطقي وفي التطور الفونولوجي، وفي حقيقة الأمر فقد وجد ميلز (Mills,1987) أن الأطفال المعاقين بصريٌّا تكون استجاباتهم الصحيحة للأصوات التي أماكن نطقها مرئية مثل (/b,/p/,/m/,/f/, v/) أقل بكثير من الأطفال المبصرين.






إن عجزهم عن ملاحظة حركة الشفاه يؤدي إلى تقليل اكتساب الأصوات، علاوة على هذا فإن الأخطاء التي يرتكبها الأطفال المبصرون وتلك التي يرتكبها العمى تتباين في طبيعتها، تكثر أخطاء الأطفال العمى أحيانًا عند الأصوات التي تزداد فيها أهمية مكان النطق، بينما الأصوات التي تزداد فيها أهمية طريقة النطق ـ وبالتالي تكون أكثر سهولة لأن تسمع ـ تبدو أقل صعوبة على الاستيعاب عند الأطفال العمى. وبذا فإن فقدان البصر يجعل بعض الأصوات ـ تلك المتعلقة بمكان النطق ـ أكثر صعوبة لأن تدرك. وعلينا وضع هذه النتيجة في اعتبارنا في حالة متعلمي اللغة واكتسابهم الفونولوجي فالمعلومات البصرية مهمة بنفس القدر عند الاستماع.

كذلك أجريت الأبحاث على كل من الصم وعلى من يتمتعون بحاسة السمع (المبصرين). وأتت النتائج لصالح المعلومات البصرية ودورها في إدراك الكلام. وقد زعمت نظرية إدراك الكلام أن الجهاز البصري يأتي إما كجهاز مساند يكون قيد الاستخدام عندما تتدهور الإشارات السمعية بشكل ما ـ كما في حالة الصم أو من يعانون مصاعب في السمع ـ أو أن البصر يمثل جزءًا مركزيٌّا في إدراك الكلام تحت أي ظرف كان.



السمع أكثـر أهمية من البصر
من الحقائق المعروفة جيدًا أن الصمم الكلي أو الجزئي يقود إلى إعاقة مستوى التطور اللغوي كما قد يؤثر على المجالات الأخرى العديدة، وهذا يؤثر على التطور الانفعالي والمعرفي بشكل عام بينما قد يواجه العمى بعض الصعوبات في التعرف على العالم المحيط بهم إلا أن الصم لا يقدرون على التواصل بوسائل لغة البشر المألوفة، لغة الإشارات معروفة ومستخدمة من قبل أقلية صغيرة من الأفراد كما يمكن استخدامها داخل حدود معينة إلى درجة أنها تتباين من قطر لآخر ومن لغة لأخرى.
ومن ناحية أخرى فإن العُميَ قادرون على استخدام حاسة السمع لديهم على الوجه الكامل وقادرون على القيام بتبادل لفظي ذي معنى، لذا يتبين لنا ـ على العديد من الأصعدة ـ أن السمع أكثر أهمية من البصر.

لحاسة السمع علاقة لصيقة للغاية مع بعض الصور الحسية الأساسية، على وجه الخصوص الحساسية الداخلية للمكان Spatial internal sensitivity مثل: (أ): حاسة السكون. (ب): حاسة الحركة، وعلى الرغم من أن حاسة السكون قد لا تشتمل على تغيير، فإن حاسة الحركة لا بد أن تمر بتغيرات متباينة وفقًا للسياق الذي تعمل فيه، وعلى النقيض من ذلك فإن حاسة البصر، فضلاً عن أهميتها الواضحة، تعجز عن تحقيق الإدراك المعقد المتعدد الاتجاهات الذي يمكن أن تحققه حاسة السمع، فالبصر يعمل في مدى محدود للغاية بينما يمتد السمع ويتجاوز ذلك المدى.

والأذن البشرية أكثر دقة في تحليلها لصفات الصوت (والضجيج) من العين في تحليلها لظلال الألوان وصفات الضوء، وتعجز العين على سبيل المثال عن تحليل الألوان المركبة فيما يخص مكوناتها غير أن الأذن قادرة على تحليل الوحدات الصوتية المعقدة بما في ذلك الضجيج الذي يحدث في الخلفية، وعلى هذا النسق فإن للأذن ميزة إضافية على العين فيما يتعلق بمقدرتها الفائقة على تحليل الأصوات السمعية أو الشفوية عالية التعقيد وظاهرة الصوت/الضجيج( (Voss,1972:16ـ21.

إن الإدراك السمعي أكثر تحررًا من آثار الخداع الإدراكي (والأوهام الإدراكية) من الإدراك البصري. وتعتبر الخداعات الإدراكية الأكثر شيوعًا هي الخداعات البصرية بينما تكمن الهلاوس الأكثر شيوعًا في الخداعات السمعية، ويعني هذا أن البصر قابل لأن يخطئ في ظروف الإدراك العادية بينما حاسة السمع ـ في الظروف غير العادية ـ أكثر عرضة للخطأ في حالات الشذوذ الإدراكي والحالات المرضية (Robinson,1972). وعليه فإن مزايا السمع تميل أكثر إلى الموضوعية في طابعها عندما يتعلق الأمر بالنظر والتمعن في العالم الخارجي ووصفه فيما يخص السلوك الإدراكي العادي، وفقط في حالات المضطربين عقليٌّا تكف حاسة السمع عن العمل على الوجه السليم.







من ناحية أخرى حتى وإن كان الشخص الأصم قادرًا على الإبصار فإنه عاجز عن الارتباط مع أعضاء جماعته الكلامية بنفس السهولة التي يستطيع بها الشخص الأعمى التواصل عبر اللغة نتيجة لهذا فإن لغة الأصم أقل تطورًا من لغة الأعمى حيث إن الصمم، سواء كان جزئيٌّا أو كاملاً غالبًا ما يعوق التطور اللغوي ويؤثر سلبًا على التفاعل التواصلي السليم بين أعضاء شتى المجموعات الاجتماعية.

تثبت لنا هذه الحقائق أن:

1 ـ نظام الإدراك السمعي البصري للبشر لا يكتسب ولكنه بالأحرى فطري ذو أهمية محددة فيما يتعلق باللغات.

2 ـ السمع والبصر بالنسبة لإدراك البشر يمثلان وجهين لعملة واحدة ويؤديان إلى اكتساب المعرفة على الوجه الأمثل، وبهما نستطيع تأمل أعظم آيات الله ـ جل جلاله ـ
في إحدى جوانب السلوك البشري ألا وهو تعلم اللغات والقرآن الكريم بتمييزه للسمع والبصر على غيرهما من الحواس الإنسانية الأخرى فإنه يطلب من الإنسان تحقيق الاستفادة البناءة العظمى من هذه النعمة التي منحها الله ـ سبحانه وتعالى ـ وذلك لأن الإنسان يستطيع من خلالها أن ينفذ إلى عالم الأشياء والرموز معًا.

لهذا يجب أن تحتوي المواد التعليمية المستخدمة في الاستماع للغة الثانية على معلومات سمعية وبصرية. وهنا يتجلى إعجاز القرآن في ذكر السمع والبصر متلازمين بنفس التتابع وذلك لاكتساب المعرفة البشرية حيث يولد الطفل وهو لا يعلم شيئًا. وعن طريق السمع والبصر والفؤاد يستطيع أن يكتسب العلم والمعرفة. قال تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ} (النحل: 78). إضافة لهذا يتوجب علينا تطوير مهارات القراءة خلال المراحل المبكرة من تعلم اللغة وذلك لأن عنصر القراءة يتوفر في المعلومات البصرية.


أهمية الصوت كوسيلة اتصال:
واللغة نظام بالغ التعقيد يتوسط بين مجموعة مقاصد وأغراض (المعنى المعرفي) مستخدم اللغة والبنى التركيبية الدلالية من ناحية ومجموعة الأصوات من ناحية أخرى. فاللغة تمكن المتكلم من تحويل أشكال الأفكار والمفاهيم إلى مبانٍ تركيبية دلالية، وتحويل هذه البنى إلى أشكال صوتية تتيح للسامع من داخل عقله تحويل هذه الأصوات مرة أخرى إلى نتاج صورة طبق الأصل للأفكار التي ابتدأ بها المتكلم. إن تحويل المعاني إلى أصوات يتيح للبشر نقل الأفكار من شخص لآخر. ويفترض أن للأفكار نوعًا من الوجود الكهروكيميائي في الجهاز العصبي (Noback and Demarest,1981). ومهما تكن الصيغة التي تتشكل بها الأفكار فإنها لا تنتقل من فرد لآخر

بذلك الشكل وذلك لعدم وجود رابط عصبي بين شخصين منفصلين تمامًا ولعدم وجود معبر عصبي لغوي تستطيع الأفكار النفاذ من خلاله في شكلها الأصلي. وتوفر اللغة ـ مثلها مثل الأدوات التواصلية الأخرى ـ وسائل لردم هذه الهوة وذلك بتحويل الأفكار إلى وسيلة تمتلك المقدرة على الانتقال من جهاز عصبي مستقل إلى آخر غيره (Wilkinson, et al, 1974). لذا يعتبر البدء بالفهم الاستماعي في المراحل المبكرة من تعلم لغة منهجًا تدريسيٌّا قويـمًا لتعلم اللغات.

يمكن تعريف الوسيلة التواصلية بعدة طرق. ولأغراض هذه الدراسة البحثية فهي ناقل فيزيائي لمجموعات دلالية مجردة ذات معاني محددة. ويرتحل الناقل عبر الهواء بشكل جامد (أي الموجات الصوتية) ويوصل الرسائل المنتجة عن طريق مجموعات من الأصوات الجهرية والمهموسة إلى واحد أو أكثر من المشاركين في الكلام الذين يقومون بدورهم بمعالجة المعلومات المتلقاة عبر الأذن والتي توصلها إلى الدماغ والذي يقوم في وقت وجيز بفك شفرتها بطرق معقدة للغاية وعادة ما يتبع هذا الأمر استجابة شفهية موجهة إلى المرسل الأصلي والذي يصبح متلقٍّ للرسالة الجديدة التي قد تخدم أو لا تخدم أي أغراض تواصلية مفيدة اجتماعيٌّا أو ثقافيٌّا. لذا لا بد أن تكون الوسيلة التواصلية:

أ‌) قابلة للمعالجة من قبل الأفراد الذين تأتي من عقولهم (أدمغتهم) الرسالة المراد توصيلها.
ب‌) قابلة للفهم من الطرف المتلقي وذلك عبر وسيلة واحدة أو أكثر من حواس المتلقي.

من الواضح أن الصوت ـ من وجهة نظر عملية ـ يسمح ـ خلافًا للبصر ـ بالتواصل بغض النظر ما إذا كان المرسل والمتلقي على مرأى من بعضهما. وخلافًا لحاستي الشم والتذوق فإن السمع يتيح تنوعًا سريعًا ورائعًا في تدرجه مما يعتبر ضروريٌّا لنظام التواصل المعقد للغاية وخلافًا للمس وبعض استخدامات البصر الأخرى الشائعة فإن الصوت يعطي الحرية للأيدي لتفعل أشياء أخرى مع استمرار التواصل. ومن خلال مقدرة الأذن على اكتشاف الاتجاهات فإن الصوت يسمح للمتلقي أن يحدد (إلى درجة معينة) موقع المرسل.

إضافة إلى ذلك يمتلك البشر مقدرة خاصة على تذكر الصوت في ذاكرتهم قصيرة الأجل لفترة وجيزة بعد سماع الصوت ويستطيع السامع اختبار قدرته هذه بكل السهولة بملاحظة أن الكيفية التي قيل بها شيء تظل متاحة لثواني عديدة بينما أي شيء قد أبصر يختفي بمجرد زوال المحفز، ولم تنل هذه القدرة اللافتة للنظر رغم أهميتها في تعلم اللغات إلا قليلاً من الانتباه حتى يومنا هذا، غير أنها تمكن الإنسان من تذكر الأقوال اللسانية بشكل يسمح بمعالجتها ككل وليس كأجزاء متفرقة.

من المميزات الأساسية للصوت أنه ينتقل عبر الزمان والمكان في خط أفقي، ويتم توزيع الرموز في هذه الوسيلة بالضرورة على طول وعبر الأبعاد المكانية والزمانية، ولا بد أن تحدث إما تسلسليٌّا أو تزامنيٌّا فيما يخص بعضها بعضًا، والعائق الرئيس أمام الصوت في عدم دوامه، عدا فترة التذكر المختصرة المذكورة سابقًا، قد تم التغلب عليها خلال الألفية السابقة عبر تطور نظم الكتابة التي تكمل الصوت بوسيلة البصر، فعلى الورق ـ بالطبع ـ
يوجد تمثيل عرفي لأبعاد الصوت المكانية والزمانية بالبعد الأفقي أو الرأسي للصفحة بحيث إن الرموز الكتابية وتعاقب الحركة من اتجاه آخر (من اليسار إلى اليمين في اللغة الإنجليزية على سبيل المثال) تمثل تدفق الصوت عبر الزمان والمكان.

وعليه فإن الصوت ينتقل من شخص إلى آخر أو آخرين من الموجودين داخل مدى الاستماع وعادة ما تتم إعادة تحويله داخل أجهزتهم العصبية إلى نوع من (صورة طبق الأصل) للمفاهيم الأصلية الموجودة في أذهان المتحدثين، وعادة ما تكون الصورة المطابقة للأصل (إعادة الإنتاج الفكري) غير مكتملة نتيجة للفروقات الحتمية بين الرصيد المفهومي لمختلف الأفراد وفقدان الانسجام الكامل بين نظمهم اللسانية (مما يمكن أن تكون نظمهم الثقافية كذلك)؛ ولكن حتى في تلك الحالة فإن اللغة تسمح مع ذلك بنقل المفاهيم من فرد إلى آخر بطرق لطيفة وفعالة بشكل ملحوظ.


لماذا يسبق السمع والبصر الحواس الأخرى في القرآن؟
مع الإيمان بأن الله خلق الإنسان على أفضل هيئة، فقد ساد الإجماع في كل مجالات المعرفة الإنسانية على أنه الأكثر كمالاً على سطح الأرض على الرغم من هذه الحقيقة وأن الإنسان (مخلوقٌ مفكرٌ) لم يفهم بعد بشكل كامل (Alexis Carrel, 1935). عماد أبو حطب (Abu,Hatab, 1975) إلى تلخيص ما توصل إليه علم النفس التجريبي الحديث الذي أيّد كذلك سبق الإدراك السمعي البصري في التعلم البشري على استخدام ما عداها من حواس نتيجة للأسباب التالية:

يتميز السمع والبصر بأنهما أكثر موضوعية من الحواس الأخرى، (Woodworth, 1954) وباستخدام الحواس السمعية البصرية يتحول الإنسان من حالة استخدام الكيانات المجردة المحسوسة إلى حالة استخدام الرموز السيمية والدلالات المجردة، ويستطيع عبر هاتين الحاستين الهامتين تطوير قدراته إلى مستوى بعيد من الحرفية الجمالية والفنية، إن الحواس الأخرى خلاف السمع والبصر كثيرًا ما تصاحبها بطانات وجدانية شديدة.
وهذا لا يعني الاستقلال الكامل للسمع والبصر عن عالم العواطف بل المقصود هنا حقيقة أنه في حالة الحواس الأخرى والمشاعر مثل المتعة والألم قد تتطور من الإحساس المادي المباشر كما في حالة التفاعل الجسماني أو من الإحساسالكيمائي غير المباشر كما في حالة التذوق والشم. (Murad, 1962). ومع ذلك فمعظم مجال الصور الذهنية ذات الطبيعة المعقدة تنحصر في البصر والسمع إلى حد استبعاد الحواس الأخرى في بعض الأحيان وفيما يتعلق.

بالصور التي تنتجها الحواس الأخرى مثل الشم والتذوق واللمس فإنها غالبًا لا تكون واضحة كالصور السمعية البصرية (Nite, 1970). قامت العديد من الدراسات التجريبية التي سعت إلى مقارنة شتى درجات الوضوح النسبيفي مختلف أنواع التصور بمحاولة إعادة التأكيد على أن التصور السمعي والبصري أكثر وضوحًا وقابلية للفهم من أنواع الصور الأخرى.


مقتضيات المدخلات السمعية والبصرية في تدريس اللغة:
ولحقيقة ذكر القرآن الكريم دائمًا للسمع والبصر معًا مدلولات شديدة الأهمية لتدريس وتعلم اللغة الأولى أو الثانية، والتي تتمثل في أن مهارات الاستماع والقراءة هما القناتان الوحيدتان اللتان يمكن من خلالهما معالجة المدخل اللغوي حتى تصل إلى ملكة المتعلم اللغوية الذهنية، ولهذا السبب فإن التركيز على هاتين المهارتين المتسمتين بالمقدرة على التقبل أكثر أهمية من الناحية المنطقية في المراحل المبكرة من تعلم وتدريس اللغة الأولى أو الثانية من المهارات الإحداثية (مهارات الكلام والكتابة). واعتمادًا على هذه الحقائق نقترح المقتضيات العملية التالية لتعليم اللغة.

يبدو أن تقديم كميات ضخمة من مدخلات سمعية وبصرية (شاملة وأصيلة) منهج مناسب لتدريس وتعلم اللغة الأولى أو الثانية في قاعات الدراسة يعتبر مفهوم (المدخلات السمعية والبصرية الشاملة الأصيلة) مسؤولاً عن الكيفية التي يستطيع الطلاب بها اكتساب اللغات بأكثر الطرق فعالية واقتصادًا. ويجب تعرضهم إلى لغة شفوية أصيلة تكون في متناول إدراكهم ومتقدمة بعض الشيء من مستوى كفايتهم الحالية (Krashen, 1988) وعلى خُطَى المدخلات الشفوية والبصرية الشاملة الأصلية الأساسية يمكن افتراض وجود لوازم طبيعية أخرى.

يجب إعطاء المدخلات اللغوية الشفوية الأولوية في المراحل المبكرة للأسباب الآتية: يبحث أولاً متعلمو اللغة الثانية واللغة بشكل عام، والمتعلمون الكبار بشكل خاص، عن المعنى في عملية اكتساب اللغة. ويحتوي رصيد متعلمي اللغة الثانية على الجانب الدلالي للأفكار التي يتوقع منهم تعلم شكلها اللفظي (مسماها) في اللغة الثانية. وتعتبر الأشكال اللفظية (الفونولوجية) لهذه الأفكار غريبة بالنسبة لمتعلمي اللغة الثانية من الكبار.
فالتمثيل الصوتي للكلام هو أول ما يطرق آذان متعلمي اللغة ولهذا السبب يستطيع المتعلمون التركيز على اكتساب الأشكال الصوتية للرسالة، يعتبر المدخل السماعي في اللغة هو في الأساس الأصوات الشفوية التي تدرك عن طريق الجهاز السمعي فقط، وهذا يتطابق مع تمثيل القرآن للمعلومات الشفوية وتقديمها على المعلومات البصرية.

إذا تبين أن المدخل اللغوي قد استوعبه المتعلم وأنه كافٍ من الناحية النفسية التعليمية فسوف يبقى النحو الضروري في عقل الطالب كجزء من المحتوى اللغوي الكامل الذي تم تجسيده في الداخل ولا يحتاج معلم اللغة إلى تدريس التراكيب اللغوية وذلك لأن ملكة المتعلم اللغوية سوف توفر المقادير الكافية والمأخوذة من المدخلات السمعية والبصرية.

لا يمكن تدريس الكلام مباشرة في المرحلة المبكرة من اكتساب اللغة ولكنه سوف يبرز وحده نتيجة للتزايد التدريجي للكفاية اللغوية عبر المدخلات الإدراكية الشاملة. ويمكن تطوير التخاطب، في مرحلة متقدمة من اكتساب اللغة الثانية، كمهارة لغوية في حد ذاتها، ولكن مع ذلك يبقى الإدراك السماعي المصدر الرئيس الذي يغذي ملكة المتعلم اللغوية، ويحتاج المرء ـ كي يصبح متحدثًا لبقًا ـ إلى الكثير من ممارسة التحدث باستغلال الآليات الضرورية لتطوير هذه المهارة.

الخــــــــــــاتــــــــمة
يسود افتراض بشكل عام، في تدريس اللغة الثانية، أن الفهم الاستماعي يشتمل على حاسة السمع فقط. غير أن الأبحاث الحديثة التي أجراها بعض الباحثون في مجال الإدراك الكلامي قد أوضحت خَطَلَ هذا الرأي. علاوة على ذلك يؤمّن القرآن الكريم على الوظيفة الأساسية للمعلومات السمعية والبصرية في الإدراك البشري بشكل عام وفي الإدراك الكلامي على وجه الخصوص.

يحوي التمثيل القرآني للسمع والبصر دلالات نظرية وتطبيقية هامة لتعلم وتعليم اللغة الأولى أو الثانية. ولهذا، فإن التركيز على هاتين المهارتين (الاستماع والقراءة) ذات الطابع التقبلي أكثر أهمية من الناحية التعليمية ومن الناحية المنطقية أيضًا خلال المراحل الأولى من تعلم وتعليم اللغة الثانية من المهارات الإحداثية. إضافة إلى هذا يمكن تحويل التجليات الفيزيائية للغة عبر نظم الإدراكات السمعية والبصرية، إلى الملكة اللغوية التي خلقت أساسًا لتستجمع القياسات الأولية للدلالة المجردة للغة الهدف وتجسيدهما داخليٌّا في اللاوعي.

لذا فإن تقديم كميات ضخمة من المعلومات السمعية والبصرية، من الناحية العملية، تبدو كأنها منهج مستقيم لتعليم وتعلم اللغة الثانية في قاعات الدراسة خلال المراحل المبكرة من تدريس اللغة الثانية. ويستطيع المتعلمون الكبار بهذه الطريقة اكتساب اللغة الثانية بأكفأ طريقة وأكثرها اقتصادًا، وبما أنهم يمتلكون الجانب الدلالي مما يفترض أن يتعلموه، يمكنهم التركيز على الأشكال الصوتية للرسالة التي تلقوها عبر المعطيات الشفوية والبصرية علاوة على هذا لا يحتاج معلم اللغة لأن يقوم بتدريس بني اللغة طالما أنها ستتاح بالمقادير المناسبة عن طريق ملكة المتعلم اللغوية التي تم تجميعها من المدخلات السمعية البصرية.

ويشكل هذا النوع من البحوث أساسًا لتطور النظرية ولهذا تجب المثابرة فيه خلال العقود القادمة بهمة لأننا نحتاج إلى تحقيق هذه الأهداف البحثية حتى نتمكن من ابتكار واستخدام المزيد من المناهج التدريبية الفاعلة الصالحة
ومزيدًا من المواد السماعية.

المصادر و المراجع:

حسن جعفر الخليفة، فصول في تدريس اللغة العربية، الرياض مكتبة الرشد- ط 2 -1424هـ.

رشدي أحمد طعيمه، محمد السيد مناع، تدريس العربية في التعليم العام، الفكر العربي، 2000م.

محمد اسماعيل ظافر، يوسف المحمادي، التدريس في اللغة العربية، الرياض 1404هـ

فتحي يوسف وآخرون، أساسيات تعليم اللغة العربية و التربية الدينية، القاهرة، دار الثقافة للطباعة والنشر 1981م

علي مد كور ، تدريس فنون اللغة العربية، الكويت، مكتبة الفلاح1404هـ

محمود رشدي خاطر وآخرون، طرق تدريس اللغة العربية و التربية الدينية الاتجاهات التربوية الحديثة ، القاهرة، ط 4 ،1989م

عبد الفتاح حسن بهجة: أصول تدريس اللغة العربية بين النظرية و الممارسة، عمان، دار الفكر العربي 1420هـ
حسني عبد الهادي عصر: الاتجاهات الحديثة لتدريس اللغة العربية في المرحلتين المتوسطة والثانوية، القاهرة، المكتب العربي الحديث.

Tidak ada komentar: